ابن الخطاب الصعيد وليس بينه وبينه حرمة ولا خاصّة ، وقد علمت أنه أخى من الرضاعة ، فكيف أعزله عمّا ولّاه غيرى؟!.
وقال له فيما حدثنا سعيد بن عفير : إنك لفى غفلة عما كانت تصنع بى أمّه ، وإن كانت لتخبأ لى العرق من اللحم فى ردنها حتى آتى.
قال ثم رجع إلى حديث الليث بن سعد ، قال : فغضب عمرو ، وقال : لست راجعا إلا على ذلك ، فكتب عثمان بن عفان إلى عبد الله بن سعد يؤمّره على مصر كلّها ، فجاءه الكتاب بالفيّوم. قال ابن عفير : بقرية منها تدعى دموشة (١).
قال الليث فى حديثه فجعل لأهل أطواب جعلا على أن يصبّحوا به الفسطاط فى مركبه ، وكان الذي جعل لهم كما يزعم آل عبد الله بن سعد خمسة دنانير ، قال الليث : فقدموا به الفسطاط قبل الصبح فأرسل إلى المؤذّن فأقام الصلاة حين طلع الفجر ، وعبد الله بن عمرو ينتظر المؤذّن يدعوه إلى الصلاة ؛ لأنه خليفة أبيه ، فاستنكر الإقامة. فقيل له صلّى عبد الله بن سعد بالناس.
وآل عبد الله يزعمون أن عبد الله بن سعد أقبل من غربىّ المسجد بين يديه شمعة ، وأقبل عبد الله بن عمرو ، من نحو داره بين يديه شمعة. فالتقت الشمعتان عند القبلة.
قال الليث فى حديثه : فأقبل عبد الله بن عمرو حتى وقف على عبد الله ابن سعد ، فقال : هذا بغيك ودسّك. فقال عبد الله بن سعد : ما فعلت وقد كنت أنت وأبوك تحسدانى على الصعيد ، فتعال حتى أولّيك الصعيد وأولّى أباك أسفل الأرض ولا أحسد كما عليه ، فلبث عبد الله بن سعد عليها أميرا محمودا ، وغزا فيها ثلاث غزوات كلهن لها (٢) شأن : إفريقية ، والأساود (٣) ، ويوم ذى الصّوارى. وسأذكر ذلك فى موضعه إن شاء الله.
قال : وكان عزل عمرو بن العاص عن مصر ، كما حدثنا يحيى بن عبد الله
__________________
(١) ضبطت فى أ ـ ضبط قلم ـ بفتح الدال وضمها مع ضم الميم. وفى ج : رسمت عبارة تدعى دموشة : بدعال موشه. وكذا د. وفى حاشية أ ، ب : قال ابن قديد : إنما هى شدموه كذا ذكر لى أبو الغيداق بن السرحى. وفى حاشية ج : قال أبو القاسم بن قديد قال لى أبو الغيداق بن السرحى إنما هى شدموه وما كان له بدموشه شىء وإنما هذا تصحيف الرواية ، وعلق عليها تورى بأن الصواب يبدو أنه شرموه.
(٢) أ ، ج ، د ، ك : «لهن».
(٣) أ : «والأساوده».