المقداد : إن هذا لا يصلح. فقال له ابن زرارة : فضلها لك هبة. قال شريك : ما أحبّ أن لى ما تحوز (١) وإنى أرجع به.
وكانت ابنة جرجير كما حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم ، وسعيد بن عفير ، قد صارت لرجل من الأنصار فى سهمه ، فأقبل بها منصرفا قد حملها على بعير له ، فجعل يرتجز :
يا بنة جرجير تمشّى عقبتك |
|
إنّ عليك بالحجاز ربتك |
لتحملنّ من قباء قربتك
قالت : ما يقول هذا الكلب؟ فأخبرت بذلك فألقت نفسها عن البعير الذي كانت عليه ، فدقّت عنقها فماتت.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن لهيعة ، أن عبد الله بن سعد هو الذي فتح إفريقية ، ونقل (٢) هو الذي افترع إفريقية ، وأنه كان يوضع بين يديه الكوم من الورق فيقال للأفارقة من أين لكم هذا؟ قال : فجعل إنسان منهم يدور كالذى يلتمس الشيء حتى وجد زيتونة فجاء بها إليه ، فقال : من هذا نصيب الورق. قال : وكيف؟ قال : إن الروم ليس عندهم زيتون ، فكانوا يأتونا فيشترون منا الزيت فنأخذ هذا الورق منهم.
وإنما سمّوا الأفارقة فيما حدثنا عثمان بن صالح ، عن ابن لهيعة وغيره ، أنهم من ولد فارق بن بيصر ، وكان فارق قد حاز لنفسه من الأرض ما بين برقة إلى إفريقية ، فبالأفارقة سميت إفريقيّة.
حدثنا أبى عبد الله بن عبد الحكم ، حدثنا بكر بن مضر ، عن يزيد بن أبى حبيب ، عن قيس بن أبى يزيد ، عن الجلاس بن عامر ، عن عبد الله بن أبى ربيعة ، قال : صلّى عبد الله بن سعد للناس بإفريقية المغرب ، فلما صلّى ركعتين سمع جلبة فى المسجد فراعهم ذلك ، وظنّوا أنهم العدوّ ، فقطع الصلاة ، فلما لم ير شيئا خطب الناس ثم قال : إن هذه الصلاة اختضرت (٣) ، ثم أمر مؤذّنه فأقام الصلاة ثم أعادها.
__________________
(١) ب ، ج : «تحوزون».
(٢) ب ، ج : «ويقال بل».
(٣) كذا قرأها الدكتور حسين نصار فى تصويباته لطبعة عامر. وفسرها بقوله : «أى قطعت قبل تمامها ، من الاختضار وهو الموت فى سن الشباب». وفى طبعة تورى وعامر «اختصرت» بالحاء المهملة.