عمران ، قال : وسألت سليمان بن يسار عن النفل فى الغزو ، فقال : لم أر أحدا صنعه غير ابن حديج ، نفلنا إفريقية النصف بعد الخمس ، ومعنا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المهاجرين الأولين ناس كثير ، فأبى جبلة بن عمرو الأنصارى أن يأخذ منه شيئا.
ثم رجع إلى حديث عثمان بن صالح وغيره ، قال : فانتهى إلى قونية ، وهى موضع مدينة قيروان (١) ، ثم مضى إلى جبل يقال له القرن ، يعسكر (٢) إلى جانبه ، وبعث عبد الملك بن مروان إلى مدينة يقال لها جلولاء فى ألف رجل ، فحاصرها أياما ، فلم يصنع شيئا فانصرف راجعا ، فلم يسر إلا يسيرا (٣) حتى رأى فى ساقة الناس غبارا شديدا ، فظنّ أن العدوّ قد طلبهم ، فكّر جماعة من الناس لذلك ، وبقى من على مصافّهم ، وتسرّع سرعان الناس ، فإذا مدينة جلولاء قد رقع حائطها ، فدخلها المسلمون ، وغنموا ما فيها ؛ وانصرف عبد الملك إلى معاوية بن حديج.
فاختلف الناس فى الغنيمة ، فكتب فى ذلك إلى معاوية بن أبى سفيان فكتب ، إن العسكر ردء للسرّية ، فقسم ذلك بينهم ، فأصاب كل رجل منهم لنفسه مائتى دينار ، وضرب للفرس بسهمين ، ولصاحبه بسهم ، قال عبد الملك : فأخذت لفرسى ولنفسى ستّمائة دينار ، واشتريت بها جارية.
قال : ويقال بل غزاها معاوية بن حديج بنفسه ، فحاصرهم فلم يقدر عليهم ، فانصرف آيسا منها ، وقد جرح عامّة أصحابه ، وقتل منهم ، ففتحها الله بعد انصرافه بغير خيل ولا رجال ، فرجع إليها ومن معه ، وفيها السبى لم يردّهم أحد ، فغنموا ، وانصرف منها راجعا إلى مصر.
حدثنا عبد الملك بن مسلمة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبى حبيب ، قال : غزا معاوية بن حديج إفريقية ثلاث غزوات. أما الأولى فسنة أربع وثلاثين قبل قتل عثمان ، وأعطى عثمان مروان الخمس فى تلك الغزوة ، وهى غزوة لا يعرفها كثير من الناس ؛ والثانية سنة أربعين ؛ والثالثة سنة خمسين.
__________________
(١) ب ، ج ، ك : «قيروان إفريقية».
(٢) ب : «بعسكر». ج ، د ، ك : «فعسكر».
(٣) ك : «قليلا».