ومنها حديث ابن لهيعة ، عن موسى بن وردان ، عن أبى الهيثم ، أنه سأل أبا بصرة عن إسلام غفار ، فقال : أصابتنا سنة وقلّة من المطر ، فتحدّثنا أن نذهب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنصيب معه من الطعام ، ونرجع إلى جبلنا ؛ فانطلقنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ونحن لا نريد الإسلام ، فقال : من (١) القوم؟ قلنا : رهط من بنى غفار ، قال : أمسلمون أم وصابى (٢)؟ فقلنا : بل وصابى (٢) ، فمكثنا يومنا ذلك ، فلما كان المبيت ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأصحابه : ليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل منهم ، فوفّق الله لى أن آخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدى ؛ فانطلق بى إلى بيته وله ثمان أعنز يحتلبهنّ ، فدعا كلّ عنز منها باسمها ، فدعا موهبة بعنز منها فأتت بها فحلبتها ، فسقانى فكأنّى لم أشرب شيئا ، ثم دعا بالأخرى (٣) فلم يزل حتى سقانى حلاب سبع أعنز ، فما تركت الثامنة إلّا حفاظا ، فغضبت موهبة غضبا لا يرى مثله ، وأبغضتنى بغضا لا يرى مثله ، غير أن لم تبد ذلك لى عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دعاها فقال : يا موهبة ، بيّتى هذا الرجل فى بيت ولا توثقى عليه الباب ؛ فإنه قد أصاب من العيش ، فذهبت بى الجارية فأدخلتنى البيت وأغلقت علىّ الباب غضبا ، فتحرّكت علىّ بطنى فى ليلتى تلك كلّها ، حتى أصبحت وقد ملأت ثيابى ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالغسل فغسلنى وأزّرنى بشملة من عنده ، فلما أصبحت غدا بى إلى المسجد ، فوجدت حلقة أصحابى قد أسلموا فأسلمت.
فلما كان المبيت أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أصحابه أن يأخذ كلّ رجل بيد صاحبه فيبيّته ؛ فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدى فانطلقت إلى بيته ، فدعا موهبة فقال : ائتنى بفلانة ، فحلبها فلم أشرب نصف حلابها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا أبا بصرة ، إن الكافر يأكل فى سبعة أمعاء ، والمؤمن يأكل فى معى واحد. قال : حدثناه سعيد بن عفير.
ومنها حديث ابن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، أن أبا تميم الجيشانى أخبره أنه سمع عمرو بن العاص ، يقول : أخبرنى رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله قد زادكم صلاة فصلّوها ما بين العشاء إلى صلاة الصبح ، الوتر الوتر» (٤)
__________________
(١) ب ، ج ، ك : «ممن».
(٢) ب ، ك : «وصايا».
(٢) ب ، ك : «وصايا».
(٣) ب : بأخرى».
(٤) أخرجه صاحب الكنز برقم ١٩٥٤٧ عن أحمد والطبرانى وسعيد بن منصور فى سننه عن أبى بصرة الغفارى.