رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له حين ارتحل من عنده : إذا سمعت بنبىّ قد ظهر بتهامة فأته فإنك تصيب منه خيرا ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تمنّ ما شئت فإنك لن تتمنّى اليوم شيئا إلّا أعطيتكه قال فإنى أسألك ضأنا ثمانين ، قال : فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : يا عبد الرحمن بن عوف ، قم فأوفها إيّاه ، ثم أقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أصحابه فقال : ما كان أحوج هذا الشيخ إلى أن يكون مثل عجوز موسى ، قال : قلنا يا رسول الله ، وما عجوز موسى؟ قال : بنت يوسف عمرت حتى صارت عجوزا كبيرة ذاهبة البصر ، فلمّا أسرى موسى ببنى إسرائيل غشيتهم ضبابة حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه ، وقيل لموسى لن تعبر إلّا ومعك عظام يوسف ، قال : ومن يدرى أين موضعها ، قالوا : ابنته عجوز كبيرة ذاهبة البصر تركناها فى الديار ، قال : فرجع موسى ، فلمّا سمعت حسّه قالت : موسى ، قال موسى قالت : ما ردّك ، قال : أمرت أن أحمل عظام يوسف ، قالت : ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم ، قال : دلّينى على عظام يوسف ، قالت : لا أفعل إلّا أن (١) تعطينى ما سألتك قال : فلك ما سألت ، قالت : خذ بيدى ، فأخذ بيدها فانتهت به إلى عمود على شاطئ النيل فى أصله سكّة من حديد موتّدة فيها سلسلة ، فقالت : إنا كنّا دفنّاه من ذلك الجانب فأخصب ذلك الجانب وأجدب ذا الجانب ، فحوّلناه الى هذا الجانب فأخصب هذا الجانب وأجدب ذاك (٢) ، فلما رأينا ذلك ، جمعنا عظامه فجعلناها فى صندوق من حديد وألقيناها فى وسط النيل ، فأخصب الجانبان جميعا قال : فحمل الصندوق على رقبته وأخذ بيدها فألحقها بالعسكر ، وقال لها : سلى ما شئت ، قالت : فإنى أسأل أن أكون أنا وأنت فى درجة واحدة فى الجنّة ، ويردّ علىّ بصرى وشبابى حتّى أكون شابّة كما كنت ، قال : فلك ذلك.
حدثنا أسد بن موسى ، عن خالد بن عبد الله ، عن الكلبىّ ، عن أبى صالح عن ابن عبّاس ، قال : كان يوسف عليهالسلام قد عهد عند موته أن يخرجوا بعظامه معهم من مصر ، قال : فتجهّز القوم وخرجوا فتحيّروا ، فقال لهم موسى : إنما تحيّركم هذا من أجل عظام يوسف ، فمن يدلّنى عليها؟ فقالت عجوز يقال لها سارح ابنة آشر بن يعقوب : أنا رأيت عمّى ـ تعنى يوسف حين دفن ـ فما تجعل لى إن دللتك عليه؟ قال : حكمك ،
__________________
(١) «إلا أن» بدلا منها فى ج ، د «حتى».
(٢) د «ذلك الجانب الآخر».