بل إن معاوية ليتجرأ ويقول لأهل الشام : إن عليا «عليه السلام» لا يصلي!! (١).
إن أهل الشام والحالة هذه لا يمكنهم أن يدركوا واقع ما يجري وما يحدث ، بل إن باستطاعة معاوية أن يموّه ويشبه الأمر على غير أهل الشام أيضا ؛ لمكره وشيطنته ؛ فإنه قد تأمّر على الشام من قبل عمر بن الخطاب ، الذي أحبه العرب ، وأخلصوا له ، لأنه أرضى غرورهم ، ورفع معنوياتهم ، بتفضيلهم على غيرهم من أهل الأمم الأخرى في العطاء ، وفي مختلف الشؤون ، مع أنهم الذين كانوا إلى الأمس القريب لا قيمة لهم ، يتيهون في صحرائهم القاحلة ، يأكلون الجشب ، ويشربون الكدر ، إلى آخر ما تقدم في أوائل الفصل الأول ؛ ثم جاء الإسلام ، فساواهم بغيرهم ، ورفع من شأنهم ، وقرر : أن لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
ولكن سياسة عمر بن الخطاب قد اقتضت إعطاء كل الامتيازات ، وفي مختلف الشؤون لخصوص العرب ، وحرمان غيرهم من كل الامتيازات ، ومن كل شيء (٢).
فأحب العرب عمر بن الخطاب أعظم الحب ، وقدروه أجل تقدير ، وصارت أفعاله وأقواله عندهم قانونا متبعا ، لا يمكن مخالفته ، ولا الخروج
__________________
(١) الفتوح لابن أعثم ج ٣ ص ١٩٦ ووقعة صفين لنصر بن مزاحم ص ٣٥٤ وشرح النهج للمعتزلي ج ٨ ص ٣٦ والكامل لابن الأثير ج ٣ ص ٣١٣ ، وتاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٠ ، والغدير ج ٩ ص ١٢٢ عن بعضهم.
(٢) راجع كتابنا : سلمان الفارسي في مواجهة التحدي.