المقام والشرف له .. بل الكعبة هي التي تتشرف به وتعتز ، وتزيد قداستها ، وتتأكد حرمتها بولادته فيها صلوات الله وسلامه عليه ..
وأما رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فإن معجزته الظاهرة ـ التي تهدي الناس إلى الله تعالى ، وصفاته ، وإلى النبوة والنبي ، وتدلهم عليه ، وتؤكد صدقه ، ولزوم الإيمان به ، وتأخذ بيدهم إلى الإيمان باليوم الآخر ـ.
إن هذه المعجزة هي هذا القرآن العظيم ، الذي يهدي إلى الرشد من أراده ، والذي لا بد أن يدخل هذه الحقائق إلى القلوب والعقول أولا ، من باب الاستدلال ، والانجذاب الفطري إلى الحق بما هو حق .. من دون تأثر بالعاطفة ، وبعيدا عن احتمالات الإنبهار بأية مؤثرات أخرى مهما كانت ..
إذ إن القضية هي قضية إيمان وكفر ، وحق وباطل ، لا بد لإدراكهما من الكون على حالة من الصفاء والنقاء ، وتفريغ القلب من أي داع آخر ، قد يكون سببا في التساهل في رصد الحقيقة ، أو في التعامل مع وسائل الحصول عليها ، والوصول إليها ..
فالله لا يريد أن تكون مظاهر الكرامة سببا في إعاقة العقل عن دوره الأصيل في إدراك الحق ، وفي تحديد حدوده ، وتلمّس دقائقه ، وحقائقه والتبيّن لها إلى حد تصير معه أوضح من الشمس ، وأبين من الأمس ..
ولذلك فإن الله تعالى لم يصنع لرسوله ما يدعوهم إلى تقديسه كشخص ، ولا ربط الناس به قبل بعثته بما هو فرد بعينه لا بد لهم من الخضوع والبخوع له ، وتمجيد مقامه ، لأن هذا قد لا يكون هو الأسلوب الأمثل ، ولا الطريقة الفضلى في سياسة الهداية إلى الأمور الإعتقادية ، التي هي أساس الدين ، والتي تحتاج إلى تفريغ النفس وإعطاء الدور ، كل الدور ،