وذكر اسم علي «عليه السلام» يدل على ذلك.
بل ربما كانوا يعتبرون القراءة والكتابة عيبا ، فقد قال عيسى بن عمر : «قال لي ذو الرمة : إرفع هذا الحرف ، فقلت له : أتكتب؟ فقال بيده على فيه ، أي أكتم علي ؛ فإنه عندنا عيب» (١).
وفي حديث أبي هريرة : تعربوا يا بني فروخ ، فإن العرب قد أعرضت ، أي عن العلم (٢).
هذا ، مع أن قريشا كانت أعظم قبيلة شأنا وخطرا ونفوذا في الحجاز كله ، ومع أن التجارة تتطلب مثل ذلك عادة ، وكان الأوس والخزرج أيضا في المرتبة الثانية بعد قريش ، تحضرا ونفوذا في الحجاز.
فإذا كان مستواهم الثقافي هو هذا ، فمن الطبيعي ان يصير لليهود عموما وللنصارى ـ ولو بصورة أضعف ـ هيمنة فكرية كبيرة ، وأن ينظر إليهم العرب نظرة التلميذ إلى معلمه ، ولربما نشير إلى ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
هذا ، ومن الأمور الجديرة بالملاحظة هنا : أن أمية العرب كانت هي السر في قوة الحافظة عندهم ، ولكنها عادت إلى الضعف التدريجي ، حسب نسبة اعتمادهم على الكتابة في العصور المتأخرة ، إبتداء من عصر التدوين.
ولسوف نشير إن شاء الله تعالى في غزوة بدر من هذا الكتاب ، إلى مدى الأهمية التي أولاها الإسلام لمحو الأمية ، حتى لقد ورد أنه «صلى الله عليه وآله» قد جعل فداء الأسير في غزوة بدر تعليم عشرة من أطفال المسلمين
__________________
(١) الشعر والشعراء لابن قتيبة ص ٣٣٤ ، والتراتيب الإدارية : ج ٢ ص ٢٤٨.
(٢) مشكل الآثار : ج ٣ ص ٥٦.