نزلت في أجواء لا تختلف كثيرا عن أجواء مكة ليدل دلالة قاطعة على أنها إنما جاءت في مقام التحدي للمشركين ، ولأعداء الإسلام .. وأن عدم اعتراض هؤلاء ، أو حتى عدم سؤالهم ، وكذلك عدم سؤال أي من الصحابة المؤمنين عن معاني هذه الحروف إنما يشير إلى أنهم إنما فهموا منها معاني قريبة إلى أذهانهم ، كافية للإجابة على ما ربما يختلج في نفوسهم من أسئلة حولها.
وليس ذلك إلا ما ذكرنا من التحدي بهذا القرآن ، المركب من أمثال هذه الحروف التي هي تحت اختيار الجميع ، مع أنه يعجز عن مجاراته والإتيان بمثله وحتى بسورة من مثله.
٤ ـ إننا إذا راجعنا الآيات التي وقعت بعد هذه الحروف ، فإننا نجد :
ألف : أن جميع السور التي وقعت الحروف المقطعة في فواتحها باستثناء سورتين أو ثلاث نجد الآيات التي وقعت بعد هذه الحروف تتحدث عن الكتاب وآياته ، أو القلم أو القرآن ، ونحو ذلك كقوله تعالى :
(المص ، كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [الأعراف].
(الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [إبراهيم].
(حم ، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الزخرف].
(الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) [هود].
(حم ، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) [الدخان].