والجواب : هو ما قاله ابن كثير وغيره :
«إنما أخذوه ـ والله أعلم ـ من كعب الأحبار ، أو من صحف أهل الكتاب ، وليس في ذلك حديث صحيح عن المعصوم ، حتى نترك من أجله ظاهر الكتاب» (١) فاليهود إذن قد أرادوا ترويج عقيدتهم بين المسلمين ، وتخصيص هذه الفضيلة بجدهم إسحاق حسب زعمهم.
ولكن اليهود أنفسهم قد فاتهم : أن التوراة المتداولة نفسها متناقضة في هذا الأمر ؛ فإنها في حين تقول :
«خذ ابنك ، وحيدك ، الذي تحبه إسحاق ، واذهب إلى أرض المريا ، وأصعده هناك محرقة على إلخ ..» (٢).
فقد عبرت هنا بكلمة : «وحيدك» الدالة على أن إسحاق هو أكبر ولد إبراهيم ، ولكنها تعود فتكذب نفسها ، وتنص على أن إسحاق لم يكن وحيدا وإنما ولد وعمر إسماعيل أربع عشرة سنة (٣).
بل لقد ذكر ابن كثير : أنه لا خلاف بين أهل الملل : أن إسماعيل أول
__________________
(١) البداية والنهاية ج ١ ص ١٦١ و ١٥٩ وراجع السيرة الحلبية ج ١ ص ٣٨ عن ابن تيمية.
(٢) سفر التكوين : الإصحاح ٢٢ ، الفقرة ١ ـ ٣٣ ولتراجع سائر فقرات الإصحاح أيضا.
(٣) سفر التكوين الإصحاح ١٦ الفقرة ١٥ ـ ١٦ نص على أن عمر إبراهيم حين ولادة إسماعيل ٨٦ سنة ، وفي سفر التكوين الإصحاح ١٧ والإصحاح ١٨ نص على أنه ولد له إسماعيل وهو ابن ٩٩ ، أو مئة سنة ، وراجع : البداية والنهاية ج ١ ص ١٥٣ ، والسيرة الحلبية : ج ١ ص ٣٨.