واحتمال أن يكون زيد قد أخذ ذلك عن بعض النصارى أو اليهود ، كما احتمله البعض يحتاج إلى إثبات : أن النصارى كانوا يحرمون أكل ما ذبح على النصب ، أو ما لم يذكر اسم الله عليه.
أما اليهود فما كانوا يهتمون بدخول غيرهم في دينهم ، وإذا كان ذلك شائعا عنهم ؛ فلماذا لم يعرف به غير زيد؟
على أن هناك نصا يقول : إن النبي «صلى الله عليه وآله» : «كان لم يأكل مما ذبح على النصب» (١).
ومهما يكن من أمر ، فقد قال السهيلي : «كيف وفق الله زيدا إلى ترك ما ذبح على النصب ، وما لم يذكر اسم الله عليه ، ورسوله «صلى الله عليه وآله» كان أولى بهذه الفضيلة في الجاهلية ؛ لما ثبت من عصمة الله تعالى له»؟
ثم أجاب عن ذلك : بأنه ليس في الرواية : أنه «صلى الله عليه وآله» قد أكل من السفرة ، وبأن شرع إبراهيم إنما جاء بتحريم الميتة ، لا بتحريم ما ذبح لغير الله تعالى ، فزيد امتنع عن أكل ما ذبح لغير الله برأي رآه لا بشرع متقدم (٢).
ولكنه جواب بارد حقا.
فإن إدراك زيد لهذا الأمر الذي وافق فيه نظر الشرع ، وعدم إدراكه هو «صلى الله عليه وآله» له مما لا يمكن قبوله ، أو الالتزام به.
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٥٤.
(٢) الروض الأنف ج ١ ص ٢٥٦ ، وراجع : السيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٣ عنه ، وفتح الباري ج ٧ ص ١٠٩.