ابن علي بن عبد الله بن عباس فحصر مقاتل بن حكيم](١) في مدينة حرّان حتى دفعها إليه في صلح.
قرأت بخط أبي الحسين بن محمّد بن عبد الله الورّاق بإسناده عن شيوخه قالوا : فلما انتهى ـ يعني ـ عبد الله بن علي إلى حرّان أغلقوها دونه ، وكان فيها مقاتل بن حكيم العكّي قد أخذ البيعة لأبي جعفر ، فشغلوه عن المسير إلى العراق ، وخاف أن يقع بين عدوين ، فحاصرها أربعة أشهر (٢) حتى افتتحها صلحا على أن لا يعرض لأحد من الناس ، فلما دخلها أخذ مقاتلا وابنه وجماعة من القواد فوجههم إلى عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي إلى دمشق ، وكان خليفة عليها ، فحبسهم عنده ، ولم يزل مقاتل بن حكيم ، وخالد بن مقاتل وأصحابهما محبوسين عند عثمان حتى اتصل بهم الخبر بهزيمة عبد الله ، فدخل إليهم عثمان ابن سراقة إلى الحبس ، فقال لمقاتل : أرأيتكم إن أنا خليت عنكم وتمضون حيث شئتم ، أتكتبون لي كتابا يكون في يدي أنه إن تغيرت بعبد الله بن علي حال أنكم لا تبتغوني بشيء كان مني ، ولا تطالبوني بأمر سلف؟ قالوا : نعم ، فافعل ، فذهب ليأتيهم بصحيفة ودواة ليكتبوا له ، فسمع مقاتلا يقول لابنه : ويحك يا خالد ، احلف حقا أن هذا ما سألنا الأمان إلّا وقد حدث في صاحبه حدث ، وما ينبغي لنا أن نؤمّنهم إلّا بعد مؤامرة أمير المؤمنين ومعرفة من رأيه ، فاشتمل عثمان على السيف ، ثم دخل عليهم فقال : من أراد أمانكم فهو كلب ، فقتلهم جميعا.
وذكر غير هؤلاء أن عبد الله بن علي قتل مقاتلا حين استنزله من حصن حرّان ، والله أعلم.
وقرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم النسيب ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، ثنا أبو الحسين عبد الوهّاب بن جعفر الميداني ، حدّثني أبو سليمان محمّد بن عبد الله الربعي ، أنا أبي ، أخبرنا أبو جعفر محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، أخبرني حمزة بن سعيد بن داود الكاتب قال : لما مات مقاتل بن حكيم العكّي أمر أمير المؤمنين الرشيد عليّا الباطقاني بإخراج كفر من خزانته وطيب كثير ، فوجه به إلى ولده وأمر يحيى بن خالد بحضوره ، وذكر حكاية طويلة ، وهذه الحكاية تدل على بقائه إلى خلافة الرشيد ، والله أعلم.
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن د ، و «ز» ، وم ، وتاريخ خليفة ص ٤٣٣.
(٢) في الطبري : أربعين ليلة.