وحرمتكم ، فقال له المنذر ـ وهو كثير المال ـ ما أنت بالرجل يرد عليه عطاؤه ، فقال : بارك الله فيك ، والله ما علمت أنك لأحسن بني أبيك وجها ، أعطني يدك ، فأعطاه يده ، فأخذها فقبّلها ووضعها على وجهه ، وقال : إنه كما قلت ، فدعا بثلاثين صرّة ، في كلّ صرّة ثلاثمائة ، فدفع إلى كلّ رجل صرّة.
أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر المعدّل ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار (١) قال : وأمّا المنذر ابن الزّبير فحدّثني مصعب بن عثمان أن المنذر بن الزّبير غاضب عبد الله بن الزبير فخرج إلى الكوفة ، ثم قدم على معاوية قبل وفاته ، فأجازه بألف ألف درهم ، وأقطعه موضع داره (٢) بالبصرة بالكلّاء (٣) التي يعرف بالزّبير ، وأقطعه موضع ماله بالبصرة الذي يعرف بمنذران فمات معاوية وهو عنده قبل أن يقبض جائزته ، وأوصى معاوية أن يدخل المنذر في قبره ، فكان آخر من نزل في قبر معاوية ، فلمّا أراد يزيد بن معاوية أن يدفع إلى المنذر الجائزة التي أمر له بها معاوية قيل له : ما تصنع ، تعطي المنذر هذا المال ، وأنت توقّع خلاف أخيه لك ، فتعينه به عليك ، فقال : أكره أن أردّ شيئا فعله أبي ، فقيل له : تعطه ثم تستسلفه منه ، فإنه لا يردّك عنه ، فدفعه إليه ثم استسلفه إياه فأسلفه (٤).
قال مصعب بن عثمان : فكان ولد المنذر يقبضون ذلك المال بعد من ولد يزيد بن معاوية ، فأدركت صكّا في كتب محمّد بن المنذر بمائتي (٥) ألف درهم بقية ذلك المال.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطّار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا عبيد الله السكري ، نا زكريا المنقري ، نا الأصمعي ، نا أبو عاصم النبيل قال :
كانت دار المنذر بن الزّبير التي في الكلّاء وسوق الطير ، وداره التي تعرف بالهرامرة (٦)
__________________
(١) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٨١.
(٢) مطموسة بالأصل ، والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٣) الكلّاء بالفتح ثم التشديد : اسم محلة مشهورة وسوق بالبصرة (معجم البلدان).
(٤) بالأصل ود ، و «ز» ، وم : فأسلفوه ، والمثبت عن المختصر.
(٥) تحرفت بالأصل إلى : «بمائتين» والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٦) كذا رسمها بالأصل ود ، و «ز» ، وم ، وفي المختصر : بالهراوة.