إنّي رأيت رجلا يقبّلها ، فانصرفت عنها ، فبلغني أنه تزوجها ، فلقيته ، فقلت : ألم تقل أنك رأيت رجلا يقبّلها؟ قال : بلى ، رأيت أباها يقبّلها ، قال : فإذا ذكرت ما فعل بي غاظني ذلك.
قال : وأخبرني أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد الفقيه ، أنا محمّد بن العباس الخزّاز (١) ، أنا محمّد بن خلف بن المرزبان ـ إجازة ـ وحدّثنا محمّد بن عبيد الله بن حريث الكاتب عنه ، أنا محمّد بن المنتشر الطائي ، أخبرني مسلم بن صبيح الكوفي قال : سمعت أبي يقول :
خطب المغيرة بن شعبة وفتى من العرب امرأة ، وكان الفتى طريرا جميلا ، فأرسلت إليهما المرأة : إنكما قد خطبتماني ، ولست أجيب أحدا منكما دون أن أراه ، وأسمع كلامه ، فاحضرا إن شئتما ، فحضرا ، فأجلستهما حيث تراهما وتسمع كلامهما ، فلما رآه المغيرة ونظر إلى جماله وشبابه وهيئته آيس منها ، وعلم أنها له مؤثرة عليه ، فأقبل على الفتى ، فقال له : لقد أوتيت جمالا وحسنا وثباتا ، فهل عندك سوى ذلك؟ قال : نعم ، فعدّد محاسنه ثم سكت ، فقال له المغيرة : كيف حسابك؟ قال : ما يسقط عليّ منه شيء ، وإني لاستدرك أدق من الخردلة. قال المغيرة : لكني أضع البدرة في زاوية البيت فينفقها أهلي على ما يريدون ، فما أعلم بنفادها حتى يسألوني غيرها ، فقالت المرأة : والله لهذا الشيخ الذي لا يحاسبني أحبّ إليّ من هذا الذي يحصي عليّ مثل صغير الخردل ، فتزوجت المغيرة.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن علي بن الحسين بن سكينة الأنماطي ، أنا أبو الفرج محمّد بن فارس بن محمّد العوذي ، أنا أبو بكر محمّد بن جعفر بن أحمد العسكري الدقّاق ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني حمزة بن العبّاس ، أنا علي بن الحسن بن شقيق ، أنا ابن عيينة ، عن أبي حمزة الثمالي قال : قال المغيرة بن شعبة.
لحديث من عاقل أحبّ إليّ من الشهد بماء الرضفة بمحض الأري ، قال عليّ : وزادني عبد الله بن المبارك عن سفيان قال : فبلغ زيادا ، فقال : أوكذلك فلهن أحبّ إليّ من رثيئة (٢).
أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الجرجاني ـ ببغداد ـ أنا أبو سهل إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم البغوي الصوفي ، نا أبو عبد الله محمّد بن العباس العصمي
__________________
(١) تحرفت بالأصل إلى : الحزاز.
(٢) رثأ اللبن حلبه على حامض فخثر وهو الرثيئة. (القاموس).