على مماليك أهل المدينة درهمين درهمين ، فأعطى رقيق عامر بن عبد الله فأبوا أن يأخذوا ذلك ، فقال لهم عامر : خذوا من خالي ، فإنّه جواد.
قال : ونا الزبير ، حدّثني مصعب بن عثمان قال : أوصى أبو بكر بن عبد الله بن الزبير وأمّه ريطة بنت عبد الرّحمن إلى خاله المغيرة بن عبد الرّحمن وابنه عبد الرّحمن بن أبي بكر ، فكان معتوها يعطي الثوب يلبسه ولا يلبسه ، ويطعم الطعام فلا يأكله ، فقال المغيرة : قد جعل كوّا (١) في منزل عبد الرّحمن بن أبي بكر فيجعل في الكوّة الخبز واللحم ، وفي بعضهم : الكعك والقديد وأنواع الطعام ، وجعل معاليق يعلق عليها الثياب ، فيمر عبد الرّحمن بالكوة ، فيختلس منها الطعام فيأكله ، ويمر بالثوب المعلّق فيختلسه فيلبسه.
قال : وسقط درهم لعبد الرّحمن بن أبي بكر من يد المغيرة في كيس للمغيرة فيه ألف درهم ، فجعل المغيرة يتغمغم ويقول : لا أعرف الدرهم ، فقيل له : خذ أجود كنزهم فيها ، فأبى وجعل الكيس له كله.
قال : ونا الزبير ، حدّثني عمي مصعب بن عبد الله ، أخبرني ابن كليب مولانا قال : خرجت مع عامر بن عبد الله إلى الصلاة ، فمرّ بمنزل المغيرة بن عبد الرّحمن وبعير له دبر (٢) قال : فصاح بجارية المغيرة ، فخرجت إليه ، فأمرها أن تأتيه بما يعالج به الدّبرة ، ففعلت ، فناولني رداءه (٣) وغسل الدّبرة ، وداواها ، فقلت : ما حملك على هذا؟ وأنا كنت أكفيك لو أمرتني ، قال : إنّ أمي ماتت وأنا صغير لا أعقل برّها ، فأردت أن أبرّها ببر خالي.
قال : ونا الزبير ، أخبرني عمي مصعب بن عبد الله قال : مات عبد الرّحمن بن أبي بكر ، فقال المغيرة بن عبد الرّحمن لعامر بن عبد الله وورثه عامر : هذا حساب ما وليت له ، فانظر فيه ، قال : يا خال ، لا أنظر في حسابك ، فأعط ما أحببت وأمسك ما شئت ، وما أعطيت أو أمسكت فأنت منه في سعة ، فأبى عليه المغيرة إلّا الحساب ، فقال له عامر لمّا نظر في الحساب بقيت خلّة ، قال : ما هي؟ قال : تحلف على حسابك عند منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وألاح (٤) المغيرة عن اليمين وقال : تحلّفني يا بن أختي؟! فقال له عامر : فما دعاك أن تأبى إلا المحاسبة؟ وتركه مع اليمين.
__________________
(١) الكوّ والكوّة : الخرق في الحائط ، والنقب في البيت ونحوه.
(٢) الدبر : جمع دبرة ، وهي قرحة الدابة والبعير.
(٣) الأصل وم : رداؤه.
(٤) ألاح من الشيء : أشفق وحذر.