مرة وكبراء قريش الأول ، منها يشربون ، فعفت زمزم على تلك البئار التي كانت قبلها يسقى عليها الحاج.
وانصرف الناس إليها لمكانها من المسجد الحرام ، ولفضلها على ما سواها من المياه ، ولأنها بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام ، وافتخرت بها بنو عبد مناف على قريش كلها وعلى سائر العرب.
وكان عبد المطلب فيما يزعمون (١) والله أعلم ، قد نذر حين لقى من قريش ما لقى عند حفر زمزم : لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه ، لينحرن أحدهم لله عزوجل عند الكعبة.
فلما توافى بنوه عشرة وعرف أنهم سيمنعونه جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء به ، فأطاعوه وقالوا : وكيف نصنع؟ قال : ليأخذ كل رجل منكم قدحا ثم يكتب اسمه فيه ثم ائتونى ففعلوا ، ثم أتوه فدخل بهم على هبل فى جوف الكعبة ، وكان على بئر فى جوف الكعبة ، فيها يجمع ما يهدى للكعبة ، وكان عند هبل قداح سبعة بها يضربون على ما يريدون ، وإلى ما تخرج به القداح ينتهون فى أمورهم.
فقال عبد المطلب لصاحب القداح : اضرب على بنى هؤلاء بقداحهم هذه. وأخبره بنذره الذي نذر ، وأعطاه كل رجل منهم قدحه الذي فيه اسمه. وكان عبد الله بن عبد المطلب أحب بنى أبيه إليه فيما يزعمون ، فكان عبد المطلب يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى.
فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها ، قام عبد المطلب عند هبل يدعو الله ،
__________________
ـ عند المستنذر ، خطم الخندمة على فم شعب أبى طالب ، وحفر سجلة ، وهى بئر المطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف التي يسقون عليها اليوم ، ويزعم بنو نوفل أن المطعم ابتاعها من أسد بن هاشم ، ويزعم بنو هاشم أنه وهبها له حين ظهرت زمزم ، فاستغنوا بها عن تلك الآبار وحفر أمية بن عبد شمس الحفر لنفسه. وحفرت بنو أسد بن عبد العزى : شفية ، وهى بئر بنى أسد. وحفرت بنو عبد الدار : أم أحراد. وحفرت بنو جمح السنبلة ، وهى بئر خلف بن وهب.
وحفرت بنو سهم : الغمر ، وهى بئر بنى سهم. وكانت آبار حفائر خارجا من مكة قديمة من عهد مرة بن كعب ، وكلاب بن مرة ، وكبراء قريش الأوائل منها يشربون ، وهى رم ، ورم : بئر مرة بن كعب بن لؤيّ. وخم ، وخم : بئر بنى كلاب بن مرة. والحفر. انتهى باختصار.
(١) انظر : السيرة (١ / ١٣٦ ـ ١٣٩) ، تاريخ الطبرى (٢ / ٢٣٩ ، ٢٤٣) ، طبقات ابن سعد (١ / ٨٨ ، ٨٩).