فنحرت ، ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا يمنع.
ثم انصرف عبد المطلب آخذا بيد عبد الله ، فمر به فيما يزعمون ، على امرأة من بنى أسد بن عبد العزى (١) ، وهى أخت ورقة بن نوفل بن أسد ، وهى عند الكعبة.
قال الزبير : وكان عبد الله أحسن رجل رئى فى قريش قط ، فقالت له حين نظرت إلى وجهه : أين تذهب يا عبد الله. قال : مع أبى. قالت : لك مثل الإبل التي نحرت عنك وقع على الآن ، قال : أنا مع أبى ولا أستطيع خلافه ولا فراقه.
فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ، وهو يومئذ سيد بنى زهرة سنا وشرفا ، فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهى يومئذ أفضل امرأة فى قريش نسبا وموضعا.
فزعموا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه فوقع عليها فحملت برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت ، فقال لها : مالك لا تعرضين على اليوم ما عرضت بالأمس ، قالت له : فارقك النور الذي كان معك بالأمس ، فليس لى بك اليوم حاجة ، وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل ، وكان تنصر واتبع الكتب ، أنه كائن فى هذه الأمة نبى.
ويقال : إن عبد الله إنما دخل على امرأة كانت له مع آمنة ابنة وهب ، وقد عمل فى طين له وبه آثار من الطين ، فدعاها إلى نفسها ، فأبطأت عليه لما رأت به من آثار الطين ، فخرج من عندها ، فتوضأ وغسل ما كان به من ذلك ، ثم خرج عائدا إلى آمنة ، فمر بتلك المرأة فدعته إلى نفسها فأبى عليها ، وعمد إلى آمنة فدخل عليها فأصابها ، فحملت بمحمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم مر بامرأته تلك فقال لها : هل لك؟ قالت : لا ، مررت بى وبين عينيك غرة فدعوتك فأبيت ، ودخلت على آمنة فذهبت بها.
فزعموا أن امرأته تلك كانت تحدث : أنه مر بها وبين عينيه مثل غرة الفرس ، قالت : فدعوته رجاء أن تكون تلك بى ، فأبى على ودخل على آمنة فأصابها فحملت برسول الله صلىاللهعليهوسلم.
__________________
(١) قال السهيلى فى الروض الأنف (١ / ١٨٠) : واسم هذه المرأة رقية بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل تكنى أم فتال وبهذه التكنية وقع ذكرها فى رواية يونس بن إسحاق وذكر البرقي عن هشام الكلبى ، قال : إنما مر على امرأة اسمها فاطمة بنت مر ، كانت من أجمل النساء وأعفهن ، وكانت قد قرأت الكتب ، فرأت نور النبوة فى وجهه فدعته إلى نفسها فلما أبى قالت شعرا. انتهى باختصار.