بها الأنواء من الصيف والشتاء ، لما يصلح الناس فى معايشهم ، هى التي يرمى بها فهو والله طى الدنيا ، وهلاك هذا الخلق الذي فيها.
وإن كانت نجوما غيرها ، وهى ثابتة على حالها ، فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق. فما هو؟!.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لنفر من الأنصار : «ما كنتم تقولون فى هذا النجم الذي يرمى به؟». قالوا : يا نبى الله ، كنا نقول حين رأيناها يرمى بها : مات ملك ، ملّك ملك ولد مولود ، مات مولود ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس ذلك كذلك ، ولكن الله تبارك وتعالى ، كان إذا قضى فى خلقه أمرا سمعه حملة العرش فسبحوا ، فسبح من تحتهم لتسبيحهم ، فسبح من تحت ذلك ، فلا يزال التسبيح يهبط حتى ينتهى إلى السماء الدنيا فيسبحوا. ثم يقول بعضهم لبعض : مم سبحتم؟ فيقولون : سبح من فوقنا فسبحنا لتسبيحهم. فيقولون : ألا تسألون من فوقكم مم سبحوا؟ فيقولون مثل ذلك ، حتى ينتهوا إلى حملة العرش ، فيقال لهم : مم سبحتم؟ فيقولون : قضى الله فى خلقه كذا وكذا؟ للأمر الذي كان. فيهبط به الخبر من سماء إلى سماء حتى ينتهى إلى السماء الدنيا ، فيتحدثوا به ، فتسترقه الشياطين بالسمع على توهم واختلاف ، ثم يأتون به الكهان فيخطئون بعضا ويصيبون بعضا ، ثم إن الله حجب الشياطين بهذه النجوم التي يقذفون بها ، فانقطعت الكهانة اليوم ، فلا كهانة»(١).
وذكر أبو جعفر العقيلى بإسناد له ، إلى لهيب بن مالك اللهبى قال : حضرت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكرت عنده الكهانة ، فقلت : بأبى أنت وأمى نحن أول من عرف حراسة السماء وزجر الشياطين ، ومنعهم من استراق السمع عند قذف النجوم ، وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له : خطر بن مالك ، وكان شيخا كبيرا ، قد أتت عليه مائة سنة وثمانون سنة ، وكان من أعلم كهاننا ، فقلنا : يا خطر ، هل عندك علم من هذه النجوم التي يرمى بها؟ فإنا قد فزعنا لها وخفنا سوء عاقبتها.
فقال : ائتونى بسحر ، أخبركم الخبر ، ألخير أم ضرر ، ولأمن أو حذر. قال : فانصرفنا عن يومنا ، فلما كان من غد فى وجه السحر أتيناه ، فإذا هو قائم على قدميه شاخص فى السماء بعينيه ، فناديناه : يا خطر ، يا خطر. فأومأ إلينا أن أمسكوا فأمسكنا.
__________________
(١) أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب السلام باب تحريم الكهانة (٥٧١) ، الترمذى فى سننه (٣٢٢٤) ، الإمام أحمد فى المسند (١ / ٢١٨) ، البيهقي فى الدلائل (٢ / ٢٣٦ ، ٢٣٧).