ألا كل شيء ما خلا الله باطل
قال عثمان : صدقت. قال :
وكل نعيم لا محالة زائل
قال عثمان : كذبت ، نعيم الجنة لا يزول.
قال لبيد : يا معشر قريش ، والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم! فقال رجل من القوم : إن هذا سفيه فى سفهاء معه فارقوا ديننا فلا تجدن فى نفسك منه. فرد عليه عثمان حتى شرى أمرهما ، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فحضرها والوليد ابن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان ، فقال : أما والله يا ابن أخى إن كانت عينك عما أصابها لغنية ، لقد كنت فى ذمة منيعة ، قال : بل والله إن عينى الصحيحة لفقيرة إلى ما أصاب أختها فى الله : وإنى لفى جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس. فقال له الوليد : هلم يا ابن أخى إن شئت إلى جوارك. فقال : لا (١).
وأما أبو سلمة بن عبد الأسد ، فإنه لما استجار بأبى طالب مشى إليه رجال بنى مخزوم فقالوا : يا أبا طالب هذا منعت منا ابن أخيك محمدا ، فما لك ولصاحبنا تمنعه منا؟ فقال : إنه استجار بى وهو ابن أختى ، وإن أنا لم أمنع ابن أختى لم أمنع ابن أخى. فقام أبو لهب فقال : يا معشر قريش ، والله لقد أكثرتم على هذا الشيخ ما تزالون توثبون عليه فى جواره من بين قومه ، والله لتنتهن عنه أو لنقومن معه فى كل ما قام فيه حتى يبلغ ما أراد. فقالوا : بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبة ، وكان لهم وليا وناصرا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأبقوا على ذلك.
فطمع فيه أبو طالب حين سمعه يقول ما قال ، ورجا أن يقوم معه فى شأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال يحرضه على ذلك :
وإن امرأ أبو عتيبة عمه |
|
لفى روضة ما إن يسام المظالما |
أقول له وأين منه نصيحتى |
|
أبا معتب ثبت سوادك قائما (٢) |
ولا تقبلن الدهر ما عشت خطة |
|
تسب بها إما هبطت المواسما |
وول سبيل العجز غيرك منهم |
|
فإنك لم تخلق على العجز لازما |
__________________
(١) ذكره أبو نعيم فى حلية الأولياء (١ / ١٠٣ ، ١٠٤) ، ابن الأثير فى أسد الغابة (٣ / ٥٩٨ ، ٥٩٩).
(٢) ثبت سوادك : يريد كثر قومك ولا تقللهم بفراقك والسواد الشخص.