وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «تنام عينى وقلبى يقظان» (١). فالله أعلم أى ذلك كان قد جاءه وعاين ما عاين من أمر الله ، على أى حاليه كان نائما أو يقظان ، كل ذلك حق وصدق.
وزعم الزهرى عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم فى تلك الليلة صلوات الله على جميعهم ، فقال : «أما إبراهيم فلم أر رجلا أشبه بصاحبكم ، ولا صاحبكم أشبه به منه ، وأما موسى فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه من رجال شنوءة ، وأما عيسى ابن مريم فرجل أحمر بين القصير والطويل ، سبط الشعر كثير خيلان الوجه كأنه خرج من ديماس تخال رأسه يقطر ماء وليس فيه ماء ، أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفى» (٢).
قال ابن هشام (٣) : وكانت صفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما ذكر عمر مولى غفرة ، عن إبراهيم بن محمد بن على بن أبى طالب ، قال : كان علىّ إذا نعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقول : لم يكن بالطويل الممغط ولا القصير المتردد ، كان ربعة من القوم ، ولم يكن بالجعد القطط ولا بالسبط كان جعدا رجلا ، ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم ، وكان أبيض مشربا أدعج العينين أهدب الأشفار جليل المشاش والكند دقيق المسربة أجرد شئن الكفين والقدمين ، إذا تمشى تقلع كأنما يمشى فى صبب ، وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النبوة ، وهو صلىاللهعليهوسلم خاتم النبيين أجود الناس كفا وأجرأ الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس بذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله ، صلىاللهعليهوسلم (٤).
__________________
(١) انظر الحديث فى : تفسير الطبرى (١٥ / ١٣).
(٢) انظر الحديث فى : تفسير الطبرى (١٥ / ١٢).
(٣) انظر : السيرة (٢ / ١١).
(٤) انظر الحديث فى : سنن الترمذى (٣٦٣٨) ، وقال : حديث حسن غريب ليس إسناده بمتصل.
وقال أبو عيسى : سمعت أبا جعفر محمد بن الحسين ، يقول : سمعت الأصمعي يقول فى تفسير صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم : الممغط : الذاهب طولا ، وقال : سمعت أعرابيا يقول فى كلامه تمغط فى نشابته ، أى مدها مدا شديدا. والمتردد : الداخل بعضه فى بعض قصرا. وأما القطط : فالشديد الجعودة. والرجل : الذي فى شعره حجونة ، أى تثن قليل. وأما المطهم : فالبادن الكثير اللحم. والمكلثم : المدور الوجه. والمشرب : الذي فى بياضه حمرة. والأدعج : الشديد سواد العين. والأهدب : الطويل الأشفار. والكتد : مجتمع الكتفين وهو الكامل. والمسربة : هو الشعر الدقيق الذي كأنه قضيب من الصدر إلى السربة. والشثن : الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين. والتقلع : أن ـ