مرت به روح المؤمن منهم سر بها وإذا مرت به روح الكافر منهم أنف منها وكرهها.
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر (١) الإبل ، فى أيديهم قطع من نار كالأفهار (٢) يقذفونها فى أفواههم فتخرج من أدبارهم ، قلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما.
ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط ، بسبيل آل فرعون ، يمرون عليهم كالإبل المهيومة (٣) حتى يعرضوا على النار ، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك. قلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء أكلة الربا.
ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن ، يأكلون من الغث المنتن ويتركون السمين الطيب ، قلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن.
ثم رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء اللاتى أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم. قال : ثم صعد بى إلى السماء الثانية فإذا فيها ابنا الخالة عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا.
قال : ثم أصعد بى إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ، قلت : من هذا يا جبريل؟ قال : هذا أخوك يوسف بن يعقوب ، ثم أصعد بى إلى السماء الرابعة ، فإذا فيها رجل ، فسألته من هو؟ فقال : هذا إدريس. قال : يقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا) [مريم : ٥٧].
قال : ثم أصعد بى إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية عظيم العثنون لم أر كهلا أجمل منه. قلت : من هذا يا جبريل؟ قال : هذا المحبب فى قومه : هارون بن عمران.
قال : ثم أصعد بى إلى السماء السادسة فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى كأنه من رجال شنوءة فقلت : من هذا يا جبريل؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران.
__________________
(١) مشافر : جمع شفر ، وهو للبعير كالشفة للإنسان والجعفلة للفرس. انظر : اللسان (مادة شفر).
(٢) الأفهار : جمع فهر بكسر فسكون وهو الحجر قدر ما يدق به الجوز ونحوه وتصغيرها فهير.
انظر : اللسان (مادة فهر).
(٣) المهيومة : العطشى ، وقيل : هو من الداء ، وقيل : الهيم الإبل التي يصيبها داء فلا تروى من الماء.