وينصرك ويغضب لك ، فهل ينفعه ذلك؟ قال : «نعم ، وجدته فى غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح» (١).
وفيه أيضا من حديث أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر عنده عمه أبو طالب ، فقال : «لعله تنفعه شفاعتى يوم القيامة فيجعل فى ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلى منه دماغه» (٢).
وعن ابن عباس أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أهون أهل النار عذابا أبو طالب ، وهو منتعل بنعلين يغلى منهما دماغه» (٣).
ويروى أن أبا طالب لما حضرته الوفاة جمع إليه وجوه قريش فأوصاهم فقال : يا معشر قريش ، أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب ، فيكم السيد المطاع وفيكم المقدم الشجاع والواسع الباع ، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب فى المآثر نصيبا إلا احتزتموه ، ولا شرفا إلا أدركتموه ، فلكم بذلك على الناس الفضيلة ، ولهم به إليكم الوسيلة ، وإنى أوصيكم بتعظيم هذه البنية فإن فيها مرضاة للرب وقواما للمعاش وثباتا للوطأة ، صلوا أرحامكم ولا تقطعوها فإن فى صلة الرحم منسأة فى الأجل وزيادة فى العدد ، واتركوا البغى والعقوق ففيهما هلكت القرون قبلكم ، أجيبوا الداعى وأعطوا السائل فإن فيهما شرف الحياة والممات ، عليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة ، فإن فيها محبة فى الخاص ومكرمة فى العام ، وإنى أوصيتم بمحمد خيرا فإنه الأمين فى قريش والصديق فى العرب ، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به ، وقد جاء بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن ، وأيم الله لكأنى أنظر إلى صعاليك العرب وأهل البر فى الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره ، فخاض بهم غمرات الموت
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح مسلم (١٩٥) ، مسند الحميدى (٤٦٠).
(٢) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٥ / ٦٦ ، ٨ / ١٤٤) ، إتحاف السادة المتقين للزبيدى (١٠ / ٥١٣) ، دلائل النبوة للبيهقى (٢ / ٣٤٧) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٣٤٠٩٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ١٢٥) ، تفسير القرطبى (٨ / ١٦٣) ، فتح البارى لابن حجر (١١ / ٤١٧) ، السلسلة الصحيحة للألبانى (١ / ٥٤).
(٣) انظر الحديث فى : صحيح مسلم كتاب الإيمان (٣٦٢) ، مسند الإمام أحمد (١ / ٢٩٠) ، مستدرك الحاكم (٤ / ٥٨١) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (٥٦٦٨) ، مسند أبو عوانة (١ / ٩٨) ، دلائل النبوة للبيهقى (٢ / ٣٤٨) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٩١٥١٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ١٢٥).