فلما جلس كان أول متكلم العباس فقال : يا معشر الخزرج ، وكانت العرب إنما يسمون هذا الحى من الأنصار الخزرج ، خزرجها وأوسها ، إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه ، فهو فى عز من قومه ومنعة فى بلده ، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك ، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه ، فإنه فى عز ومنعة من قومه وبلده.
فقلنا له : قد سمعنا ما قلت. فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت. فتكلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب فى الإسلام ، ثم قال : أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم.
فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال : نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا ، فبايعنا يا رسول الله ، فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر.
فاعترض القول ، والبراء يكلم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أبو الهيثم بن التيهان ، فقال : يا رسول الله ، إن بيننا وبين الرجال حبالا ونحن قاطعوها ، يعنى اليهود ، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟.
قال : فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : بل الدم الدم ، والهدم الهدم ، أنا منكم وأنتم منى ، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم. قال كعب : وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أخرجوا إلى منكم اثنى عشر نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم.
فأخرجوا منهم اثنى عشر نقيبا ، تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس ، من الخزرج : أبو أمامة أسعد بن زرارة ، وسعد بن الربيع (١) ، وعبد الله بن رواحة (٢) ، ورافع بن مالك
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٩٣٦) ، الإصابة الترجمة رقم (٣١٦١) ، أسد الغابة الترجمة رقم (١٩٩٤) ، طبقات ابن سعد (٣ / ٢ / ٧٧) ، تاريخ خليفة (٧١) ، الجرح والتعديل (٤ / ٨٢ ـ ٨٣) ، الاستبصار (١١٤).
(٢) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (١٥٤٨) ، الإصابة الترجمة رقم (٤٦٩٤) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٢٩٤٣) ، الثقات (٣ / ٢٢١) ، حلية الأولياء (١ / ١١٨ ، ١٢١) ، تجريد أسماء الصحابة (١ / ٣١٠) ، تهذيب التهذيب (٥ / ٢١٢) ، تهذيب الكمال (٢ / ٦٨١) ، تقريب التهذيب (١ / ٤١٥) ، خلاصة تذهيب (٢ / ٥٥) ، الوافى بالوفيات (١٧ / ١٦٨) ، سير أعلام النبلاء (١ / ٢٣٠) ، الأعلام (٤ / ٨٦).