ورغنا إلى قول النبيّ محمد |
|
فطاب ولاة الحق منا وطيبوا |
نمت بأرحام إليهم قريبة |
|
ولا قرب بالأرحام إذ لا تقرب |
فأى ابن أخت بعدنا يأمننكم |
|
وأية صهر بعد صهرى يرقب |
ستعلم يوما أينا إذ تزايلوا |
|
وزيل أمر الناس للحق أصوب |
ثم خرج عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وعياش بن أبى ربيعة المخزومى (١) ، حتى قدما المدينة.
قال عمر رضى الله عنه : لما أردنا الهجرة إلى المدينة اتعدت أنا وعياش بن أبى ربيعة ، وهشام بن العاص التناضب من أضاة بنى غفار (٢) فوق سرف ، وقلنا : أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه. فأصبحت أنا وعياش عندها وحبس عنا هشام وفتن فافتتن.
فلما قدمنا المدينة نزلنا بقباء ، وخرج أبو جهل والحارث أخوه إلى عياش ، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا فقالا له : إن أمك نذرت أن لا تمس رأسها بمشط حق تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك.
فرق لها ، فقلت له : يا عياش ، والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم ، فو الله لو قد آذى أمك لامتشطت! ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت. فقال : أبر قسم أمى ، ولى هناك مال فآخذه.
قلت : والله إنك لتعلم أنى لمن أكثر قريش مالا ، فلك نصف مالى ولا تذهب معهما.
فأبى على إلا أن يخرج معهما ، فلما أبى إلا ذلك قلت : أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتى هذه فإنها نجيبة ذلول ، فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فانج عليها.
فخرج عليها معهما ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل : والله يا أخى لقد استغلظت بعيرى هذا أفلا تعقبنى على ناقتك هذه؟ قال : بلى. قال : فأناخ وأناخا ليتحول عليها ، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه رباطا ثم دخلا به مكة ، وفتناه فافتتن!.
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢٠٣٢) ، الإصابة الترجمة رقم (٦١٣٨) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٤١٤٥).
(٢) أضاة بنى غفار : الإضاءة الماء المستنقع من سيل ، ويقال : هو مسيل الماء إلى الغدير ، وغفار قبيلة من كنانة على عشرة أميال من مكة. انظر : معجم البلدان (١ / ٢١٤).