ثم قدم بهما المدينة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١).
ثم تتابع المهاجرون أرسالا ، فنزل طلحة بن عبيد الله وصهيب بن سنان على خبيب ابن إساف. بالسبخ ، ويقال : بل نزل طلحة على أسعد بن زرارة.
قال ابن هشام (٢) : وذكر لى أن صهيبا حين أراد الهجرة قال له كفار قريش : أتيتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغته ، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك! والله لا يكون ذلك.
فقال لهم صهيب : أرأيتم إن جعلت لكم مالى أتخلون سبيلى؟ قالوا : نعم. قال : فإنى قد جعلت لكم مالى. فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «ربح صهيب ، ربح صهيب»(٣)!.
قال ابن إسحاق (٤) : وأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ، ينتظر أن يؤذن له فى الهجرة ، ولم يتخلف معه أحد بمكة من المهاجرين ، إلا من حبس أو فتن ، إلا على بن أبى طالب وأبو بكر الصديق ، وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الهجرة فيقول له : لا تعجل ، لعل الله يجعل لك صاحبا. فيطمع أبو بكر أن يكونه(٥).
ولما رأت قريش أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد كانت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ، ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم ، عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة ، فحذروا خروج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعرفوا أنه مجمع لحربهم ، فاجتمعوا له فى دار الندوة ، وهى دار قصى بن كلاب التي كانت قريش لا تقضى أمرا إلا فيها ، يتشاورون ما يصنعون فى أمره.
فاعترض لهم إبليس فى هيئة شيخ جليل عليه بت (٦) ، فوقف على باب الدار فى
__________________
(١) ذكره ابن حجر فى فتح البارى (١ / ٥٥٧) ، وقال : من زيادات ابن هشام فى السيرة.
(٢) انظر : السيرة (٢ / ٨٤).
(٣) انظر الحديث فى : الحلية لأبى نعيم (١ / ١٥١ ، ١٥٣) ، مستدرك الحاكم (٣ / ٣٩٨) ، طبقات ابن سعد (٣ / ٢٢٧ ، ٢٢٨) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ١٧٣ ، ١٧٤) ، المطالب العالية لابن حجر (٣ / ٣٥٥٢).
(٤) انظر : السيرة (٢ ـ ٨٧).
(٥) انظر الحديث فى : مجمع الزوائد للهيثمى (٦ / ٦٢) ، وقال : رواه الطبرانى وفيه عبد الرحمن بن بشير الدمشقى ضعفه أبو حاتم.
(٦) بت : بفتح الباء وتشديد التاء ، الكساء الغليظ من صوف جيد أو خز يلبس كالعباءة ويدل على المكانة والشرف ، وجمعه بتوت.