وكان سراقة رجلا أزب كثير شعر الساعدين ، وقال له : ارفع يديك فقل : الله أكبر! الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز الذي كان يقول : أنا رب الناس ، وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابيا من بنى مدلج!! ورفع بها عمر رضى الله عنه ، صوته.
قال ابن إسحاق (١) : وذكر إسنادا رفعه إلى أسماء بنت أبى بكر ، قالت : لما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وخرج معه أبو بكر احتمل أبو بكر ماله كله ، خمسة آلاف أو ستة ، فدخل علينا جدى أبو قحافة وقد ذهب بصره ، فقال : والله إنى لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه. فقلت : يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا. فأخذت أحجارا فوضعتها فى كوة كان أبى يضع ماله فيها ، ثم وضعت عليها ثوبا ثم أخذت بيده فقلت : يا أبت ضع يدك على هذا المال. قالت : فوضع يده عليه ثم قال : لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن ، وفى هذا بلاغ لكم ، ولا والله ما ترك لنا شيئا ، ولكنى أردت أن أسكن الشيخ بذلك (٢).
وذكر ابن إسحاق الطريق التي سلك برسول الله صلىاللهعليهوسلم وبأبى بكر الصديق رضى الله عنه دليلهما عبد الله بن أريقط ، والمناقل التي سار بهما عليهما إلى أن قدم بهما قباء على بنى عمرو بن عوف لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول يوم الاثنين ، حين اشتد الضحى وكادت الشمس تعتدل (٣).
وقال غير ابن إسحاق : قدمها لثمان خلون من ربيع الأول.
وقال ابن الكلبى : خرج من الغار يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول ، ووصل المدينة يوم الجمعة لاثنتى عشرة منه. فالله تعالى أعلم.
وذكر ابن إسحاق (٤) : من حديث عبد الرحمن بن [عويم] (٥) بن ساعدة ، قال : حدثني رجال من قومى من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قالوا : لما سمعنا بمخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مكة توكفنا قدومه ، فكنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظره ، فو الله
__________________
(١) انظر : السيرة (٢ / ٩٥ ـ ٩٦).
(٢) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٦ / ٣٥٠) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦ / ٥٩).
(٣) انظر : السيرة (٢ / ٩٨ ـ ٩٩).
(٤) انظر : السيرة (٢ / ١٠٠).
(٥) ما بين المعقوفتين ورد فى الأصل : «عويمر» ، والتصحيح من السيرة والاستيعاب.
وانظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (١٤٥٦) ، الإصابة الترجمة رقم (٦٢٤٤) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٣٧٢) ، التاريخ الكبير (٥ / ٣٢٥).