وأقام على بن أبى طالب بمكة ثلاث ليال وأيامها ، حتى أدى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الودائع التي كانت عنده للناس ، حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزل معه. فكان على رضى الله عنه ، وإنما كانت إقامته بقباء ليلة أو ليلتين ، يقول : كانت بقباء امرأة مسلمة لا زوج لها ، فرأيت إنسانا يأتيها من جوف الليل فيضرب عليها بابها فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه.
قال : فاستربت شأنه ، فقلت لها : يا أمة الله ، من هذا الذي يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئا لا أدرى ما هو ، وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك؟ قالت : هذا سهل بن حنيف ، قد عرف أنى امرأة لا أحد لى ، فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءنى بها فقال : احتطبى بهذا! فكان على رضى الله عنه ، يأثر ذلك فى أمر سهل بن حنيف ، حين هلك عنده بالعراق (١).
قال ابن إسحاق (٢) : فأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقباء فى بنى عمرو بن عوف يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وأسس مسجدهم (٣) ، ثم أخرجه الله تعالى ، من بين أظهرهم يوم الجمعة. وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك ، فالله أعلم.
فأدركت رسول الله صلىاللهعليهوسلم الجمعة فى بنى سالم بن عوف فصلاها فى المسجد الذي فى بطن الوادى ، وادى رانوناء ، فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة (٤).
فأتاه عتبان بن مالك (٥) ، وعباس بن عبادة بن نضلة (٦) ، فى رجال من بنى سالم ، فقالوا : يا رسول الله ، صلى الله عليك ، أقم عندنا فى العدد والعدة والمنعة. قال : «خلوا سبيلها فإنها مأمورة لناقته ، فخلوا سبيلها».
__________________
ـ الترجمة رقم (١٣٣٠) ، تجريد أسماء الصحابة (١ / ١٤٧) ، سير أعلام النبلاء (٤ / ٤٣٧ ، ٤٤٦) ، روضات الجنات (٣ ، ٢٧٥) ، الاستبصار (١ / ١١٥) ، الثقات (٣ / ١١١).
(١) ذكره الصالحى فى السيرة الشامية (٣ / ٣٧٩) ، ابن سيد الناس فى عيون الأثر (١ / ٣١٢).
(٢) انظر : السيرة (٢ / ١٠٢).
(٣) انظر الحديث فى : صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار (٣٩٣٢).
(٤) ذكره الطبرى فى تاريخه (٢ / ٧) ، ابن كثير فى البداية والنهاية (٣ / ٢١٣ ، ٢١٤).
(٥) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢٠٤٢) ، الإصابة الترجمة رقم (٥٤١٢) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٥٤١).
(٦) انظر ترجمته فى : الاستيعاب (١٣٨٥) ، الإصابة الترجمة رقم (٢٥٢٥) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٢٧٩٨).