الأوس والخزرج بعضهم بعضا ، ثم انصرفوا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم سامعين مطيعين ، وقد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شأس بن قيس.
فأنزل الله تبارك وتعالى ، فى شأن شأس وما صنع : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [آل عمران : ٩٩] (١).
وأنزل الله فى أوس بن قيظى وجبار بن صخر ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا عما أدخل عليهم شأس من أمر الجاهلية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران : ١٠٠ ، ١٠٣].
قال (٢) : وحدثت عن سعيد بن جبير أنه قال : أتى رهط من يهود رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا له : يا محمد ، هذا الله خلق الخلق ، فمن خلقه؟ قال : فغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى انتقع لونه ، ثم ساورهم غضبا لربه ، فجاءه جبريل فسكنه فقال : خفض عليك يا محمد ، وجاءه من الله بجواب ما سألوه عنه : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
فلما تلاها عليهم قالوا : فصف لنا يا محمد كيف خلقه؟ كيف ذراعة؟ كيف عضده؟ فغضب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أشد من غضبه الأول وساورهم ، فأتاه جبريل فقال له مثل ما قال أول مرة ، وجاءه من الله تبارك وتعالى بجواب ما سألوه عنه ، يقول الله جل وعلا : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر : ٦٧] (٣).
__________________
(١) ذكره الطبرى فى تفسيره (٤ / ١٦).
(٢) انظر : السيرة (٢ / ١٧٨).
(٣) انظر الحديث فى : صحيح مسلم كتاب التفسير (٤ / ١٩) ، صحيح البخاري (٤٨١١) ، تفسير ابن جرير (١ / ٣٧٨).