وبين محمد وما بعتبة ما قال : ولكنه قد رأى أن محمدا وأصحابه أكلة جزور وفيهم ابنه ، فقد تخوفكم عليه.
ثم بعث إلى عامر بن الحضرمى ، فقال : هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينيك ، فقم فانشد خفرتك ، ومقتل أخيك.
فقام عامر بن الحضرمى فاكتشف ثم صرخ : وا عمراه ، وا عمراه! فحميت الحرب وحقب أمر الناس واستوسقوا على ما هم عليه من الشر وأفسد على الناس الرأى الذي دعاهم إليه عتبة.
فلما بلغ عتبة قول أبى جهل : انتفخ والله سحره ، قال : سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره أنا أم هو؟!
ثم التمس عتبة بيضة ليدخلها فى رأسه فما وجد فى الجيش بيضة تسعة من عظم هامته ، فلما ذلك اعتجر على رأسه ببرد له.
وخرج الأسود بن عبد الأسد المخزومى وكان رجلا شرسا سيئ الخلق ، فقال : أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه.
فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فضربه فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض ، فوقع على ظهره تشخب رجله دما ، ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد. زعم أن يبر يمينه ، وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله فى الحوض.
ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين اخيه شيبة وابنه الوليد بن عتبة حتى إذا نصل من الصف دعا إلى المبارزة ، فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة ، وهم : عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء ، وعبد الله بن رواحة. فقالوا : من أنتم؟ قالوا : رهط من الأنصار. قالوا : ما لنا بكم من حاجة ، ثم نادى مناديهم : يا محمد ، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قم يا عبيدة بن الحارث ، وقم يا حمزة وقم يا علىّ» (١). فلما قاموا ودنوا منهم ، قالوا : من أنتم ، فقال عبيدة : عبيدة ، وقال حمزة : حمزة ، وقال على : على. قالوا : نعم ، أكفاء كرام.
فبارز عبيدة ، وكان أسن القوم ، عتبة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز علىّ الوليد.
فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله. وأما علىّ فلم يمهل الوليد أن قتله ، واختلف عبيدة
__________________
(١) انظر الحديث فى : سنن أبى داود (٢٦٦٥) ، من حديث على بن أبى طالب رضى الله عنه.