رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن دونه من يمنعه ، ولكنا خفنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم كرة العدو فقمنا دونه ، فما أنتم بأحق به منا.
فكان عبادة بن الصامت إذا سئل عن الأنفال ، قال : فينا معاشر أصحاب بدر أنزلت حين اختلفنا فى النفل وساءت فيه أخلاقنا ، فنزعه الله من أيدينا ، فجعله إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم فقسمه بيننا عن بواء. يقول : على السواء. فكان فى ذلك تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله ، وصلاح ذات البين.
ثم بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم عبد الله بن رواحة بشيرا إلى أهل العالية بما فتح الله على رسوله وعلى المسلمين ، وبعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة ، قال أسامة بن زيد : فأتانا الخبر ـ حين سوينا على رقية بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم خلفنى عليها مع زوجها عثمان ـ أن زيد بن حارثة قد قدم.
قال : فجئته وهو واقف بالمصلى وقد غشيه الناس وهو يقول : قتل عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام ، وزمعة بن الأسود ، وأبو البخترى بن هشام ، وأمية ابن خلف ، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج. قلت : يا أبه أحق هذا؟ قال : نعم والله يا بنى.
ثم أقبل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قافلا إلى المدينة ومعه الأسارى من المشركين ، وفيهم عقبة بن أبى معيط والنضر بن الحارث ، حتى إذا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم من مضيق الصفراء ، نزل على كثيب يقال له : سير إلى سرحة به ، فقسم هنالك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء.
ثم ارتحل حتى إذا كان بالروحاء ، لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين ، فقال لهم سلمة بن سلامة بن وقش : ما الذي تهنئوننا به؟ فو الله ، إن لقينا إلا عجائز صلعا كالبدن المعلقة فنحرناها ، فتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «أى ابن أخى؟ أولئك الملأ» (١).
حتى إذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالصفراء ، قتل النضر بن الحارث ، قتله على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ ثم خرج حتى إذا كان بعرق الظبية ، قتل عقبة بن أبى معيط ، فقال عقبة حين أمر بقتله : فمن للصبية يا محمد؟ قال : «النار» (٢).
__________________
(١) انظر الحديث فى : تاريخ الطبرى (٢ / ٣٨) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ٣٠٥).
(٢) انظر الحديث فى : تاريخ الطبرى (٢ / ٣٨) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٦ / ٨٩).