فقتله عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح ، فى قول ابن عقبة وابن إسحاق. وقال ابن هشام (١) : قتله على بن أبى طالب رضى الله عنه.
وقالت قتيلة أخت النضر بن الحارث لما بلغها مقتل أخيها :
يا راكبا إن الأثيل مظنة |
|
من صبح خامسة وأنت موفق (٢) |
أبلغ بها ميتا بأن تحية |
|
ما إن تزال بها النجائب تخفق (٣) |
منى إليك وعبرة مسفوجة |
|
جادت بواكفها وأخرى تخنق |
هل يسمعنى النضر إن ناديته |
|
أم كيف يسمع ميت لا ينطق |
أمحمد يا خير ضنء كريمة |
|
فى قومها والفحل فحل معرق (٤) |
ما كان ضرك لو مننت وربما |
|
منّ الفتى وهو المغيظ المحنق |
أو كنت قابل فدية فلينفقن |
|
بأعز ما يغلو به ما ينفق |
فالنضر أقرب من أسرت قرابة |
|
وأحقهم إن كان عتق يعتق |
ظلت سيوف بنى أبيه تنوشه |
|
لله أرحام هناك تشقق |
قال ابن هشام : فيقال ، والله أعلم : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما بلغه هذا الشعر قال : «لو بلغنى هذا قبل مقتله لمننت عليه» (٥).
ثم مضرى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى قدم المدينة قبل الأسارى بيوم ، وقد كان فرقهم بين أصحابه ، وقال : استوصوا بالأسارى خيرا.
وكان أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه فى الأسارى ، قال : وكنت فى رهط من الأنصار حين أقبلوا بى من بدر ، وكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصونى بالخبز ، وأكلوا التمر ، لوصية رسول الله صلىاللهعليهوسلم إياهم بنا ، ما تقع فى يد رجل منهم كسرة من الخبز إلا نفحنى بها ، قال : فاستحى فأردها عليه فيردها على ما يمسها!
قال : ومر بى أخى مصعب ورجل من الأنصار يأسرنى ، فقال له : شد يديك به ، فإن أمه ذات متاع ، لعلها تفديه منك ، فقال له أبو عزيز ـ فيما ذكر ابن هشام ـ يا أخى،
__________________
(١) انظر السيرة (٢ / ٢٤٩).
(٢) الأثيل : تصغير أثل ، والأثل : هو شجر الطرفاء ، ثم سمى به موضع قرب المدينة بين بدر ، ووادى الصفراء. ومظنة : موضع لحصول الظن.
(٣) النجائب : كرام الإبل. تخفق : تسرع.
(٤) ضن : النسل والولد. المعرق : الكريم الذي يأتى بنسل كرام.
(٥) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ٣٠٦).