لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ، وإله ما تليق شيئا ، ولا يقوم لها شيء.
قال أبو رافع : فرفعت طنب الحجرة بيدى ثم قلت : تلك والله الملائكة! فرفع أبو لهب يده فضرب وجهى ضربة شديدة ، وثاورته فاحتملنى وضرب بى الأرض ، ثم برك علىّ يضربنى وكنت رجلا ضعيفا ، فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فضربته به ضربة فلقت فى رأسه شجة منكرة. وقالت أتستضعفه أن غاب عنه سيده! فقام موليا ذليلا ، فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته.
وذكر محمد بن جرير الطبرى فى تاريخه أن العدسة قرحة كانت العرب تتشاءم بها ، ويرون أنها تعدى أشد العدوى.
فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه ، وبقى بعد موته ثلاثا لا تقرب جنازته ، ولا يحاول دفنه ، فلما خافوا السّبّة فى تركه حفروا له ثم دفعوه بعود فى حفرته ، وقذفوه بالحجارة من بعيد ، حتى واروه.
وقال ابن إسحاق فى رواية يونس بن بكير عنه : إنهم لم يحفروا له ولكن أسندوه إلى حائط وقذفوا عليه الحجارة من خلف الحائط ، حتى واروه.
ويروى أن عائشة ـ رضى الله عنها ـ كانت إذا مرت بموضعه ذلك غطت وجهها.
وخرج البخاري فى صحيحه : أن أبا لهب رآه بعض أهله فى المنام بشرحيبة ، أى حالة ، فقال : ما لقيت بعدكم راحة ، غير أنى سقيت فى مثل هذه ـ وأشار إلى النقرة بين السبابة والإبهام ـ بعتقى ثويبة.
وثويبة هذه أرضعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وارضعت عمه حمزة وابا سلمة بن عبد الأسد.
وروى غير البخاري أن الذي رأى أبا لهب من أهله هو أخوه العباس ، وأنه قال : مكثت حولا بعد موت أبى لهب لا أراه فى نوم ، ثم رأيته فى شر حال ، فقال : ما لقيت بعدكم راحة ، إلا أن العذاب يخفف عنى كل يوم اثنين.
وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولد يوم الاثنين ، فبشرت أبا لهب بمولده ثوبية مولاته ، فقالت له : أشعرت أن آمنة ولدت غلاما لأخيك عبد الله؟ فقال لها : اذهبى فأنت حرة ، فنفعه ذلك وهو فى النار ، كما نفع أخاه ابا طالب ذبه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم واجتهاده فى منعه ونصرته ، فهو أهون أهل النار عذابا.