المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، اضرب عنقه ، يا عاصم بن ثابت» (١) فضرب عنقه.
وكان عمير بن وهب (٢) شيطانا من شياطين قريش ، وممن كان يؤذى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بمكة ويلقون منه عنتا ، وكان ابنه وهب بن عمير فى أسارى بدر ، فجلس عمير مع صفوان بن أمية فى الحجر بعد مصاب أهل بدر بيسير ، فذكر أصحاب القليب ومصابهم ، فقال له صفوان : فو الله ، إن فى العيش خير بعدهم. فقال عمير : صدقت والله ، أما والله لو لا دين على ليس له عندى قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدى لركبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لى فيهم علة ، ابنى أسير فى أيديهم.
فاغتنمها صفوان فقال : على دينك أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالى أواسيهم ما بقوا لا يسعنى شيء ويعجز عنهم ، قال : عمير : فاكتم عنى شأنى وشأنك ، قال : أفعل. ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم ، ثم انطلق حتى قدم المدينة. فبينا عمر بن الخطاب فى نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم ، إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحا السيف ، فقال : هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب ما جاء إلا لشر ، وهذا الذي حرش بيننا (٣) وحرزنا للقوم (٤) يوم بدر.
ثم دخل عمر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا بنى الله ، هذا عدو الله عمير بن وهب ، قد جاء متوشحا سيفه. قال : «فأدخله علىّ». فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه فى عنقه فلببه بها وقال لرجال من الأنصار كانوا معه : ادخلوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه هذا الخبيث فإنه غير مأمون. ثم دخل به ، فلما رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم كذلك قال : «أرسله يا عمر ، أدن يا عمير». فدنا ثم قال : أنعموا صباحا ، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير ، بالسلام ، تحية أهل الجنة» قال : أما والله إن كنت بها يا محمد لحديث عهد. قال : «فما جاء بك يا عمير؟» قال : جئت لهذا الأسير الذي فى أيديكم فأحسنوا فيه ، قال : «فما
__________________
(١) انظر الحديث فى : السنن الكبرى للبيهقى (٩ / ٦٥) ، مشكل الآثار للطحاوى (٢ / ١٩٧) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٥١) ، الطبقات الكبرى لابن سعد (٢ / ١ / ٣٠).
(٢) انظر ترجمته فى : الجرح والتعديل (٦ / ٢٠٩١) ، الإصابة ترجمة رقم (٦٠٧٣) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٤٠٩٦) ، البداية والنهاية (٣ / ١١٣ ، ٥ / ٨).
(٣) حرش بيننا : أى أفسد بيننا.
(٤) حزرنا للقوم : أى قدر عددنا.