ويذكر فضله على قومه :
ومن مبلغ عنى الرسول محمدا |
|
بأنك حق والمليك حميد |
وأنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى |
|
عليك من الله العظيم شهيد |
وأنت امرؤ بوئت فينا مباءة |
|
لها درجات سهلة وصعود |
فإنك من حاربته لمحارب |
|
شقى ومن سالمته لسعيد |
ولكن إذا ذكرت بدرا وأهله |
|
تأوب ما بى حسرة وقعود (١) |
وذكر موسى بن عقبة أن المسلمين جهدوا على أبى عزة هذا عند ما أسر ببدر أن يسلم ، فقال : لا ، حتى أضرب فى الخزرجية يوما إلى الليل.
وما وقع فى شعره ومحاورته رسول الله صلىاللهعليهوسلم مما يقتضى التصريح برسالته ، فلا أعلم له مخرجا ، إن صح ، إلا أن يكون ذلك من جملة ما قصد به أبو عزة أن يخدع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فعاد على عدو الله ما ائتمر ، ولم يخدع إلا نفسه وما شعر ، وذلك أنه لما أخذت قريش قبل أحد فى الإعداد لحرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم طلبا بثأرهم فى يوم بدر قال صفوان ابن أمية لأبى عزة هذا : يا أبا عزة ، إنك امرؤ شاعر ، فأعنا بلسانك ، فاخرج معنا ، فقال : إن محمدا قد منّ علىّ فلا أريد أن أظاهر عليه. قال : بلى ، فأعنا بنفسك ، فلك الله على إن رجعت أن أعينك ، وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتى ، يصيبهن ما أصابهن من عز ويسر.
فخرج أبو عزة يسير فى تهامة ويدعو بنى كنانة ويقول :
أيا بنى عبد مناة الرزام |
|
أنتم حماة وأبو كم حام |
لا تعدمونى نصركم بعد العام |
|
لا تسلمونى لا يحل إسلام |
ثم كان من الأمر يوم أحد ما كان ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد الوقعة مرهبا لعده حتى انتهى إلى حمراء الأسد ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى وجهه ذلك أبا عزة الجمحى ، فقال : يا رسول الله ، أقلنى. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والله لا تمسح عارضيك بمكة ، تقول : خدعت محمدا مرتين ، اضرب عنقه يا زبير» (٢). فضرب عنقه.
وذكر ابن هشام ـ فيما بلغه عن سعيد بن المسيب ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : «إن
__________________
(١) ذكر قصته ابن حجر فى فتح البارى (١٠ / ٥٤٧) ، العجلونى فى كشف الخفاء (٢ / ٥٠٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٣ / ٣١٢ ، ٣١٣) ، ابن سيد الناس فى عيون الأثر (١ / ٤١٢).
(٢) انظر الحديث فى : فتح البارى لابن حجر (١٠ / ٥٤٧) ، السنن الكبرى للبيهقى (٩ / ٦٥).