كان يوم أحد بدا له فى الإسلام فأسلم ، ثم أخذ سيفه فغزا حتى دخل فى عرض الناس فقاتل حتى أثبتته الجراحة ، فبينا رجال من بنى الأشهل يلتمسون قتلاهم فى المعركة إذا هم به ، فقالوا : والله إن هذا للأصيرم ، ما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث. فسألوه ما جاء بك عمرو؟ أحدب على قومك أم رغبة فى الإسلام؟ قال : بل رغبة فى الإسلام ، آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ثم أخذت سيفى فغدوت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم قاتلت حتى أصابنى ما أصابنى. ثم لم يلبث أن مات فى ايديهم ، فذكروه لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنه لمن أهل الجنة» (١).
وكان أبو هريرة يقول : حدثونى عن رجل دخل الجنة لم يصل قط؟ فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو؟ فيقول : أصيرم بنى عبد الأشهل؟
وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج ، وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم المشاهد ، فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه وقالوا له : إن الله قد عذرك. فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إن بنى يريدون أن يحبسونى عن هذا الوجه والخروج معك فيه ، فو الله إنى لأرجو أن أطأ بعرجتى هذه فى الجنة. فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك». وقال لبنيه : «ما عليكم أن لا تمنعوه لعل الله يرزقه الشهادة» (٢) فخرج معه فقتل ، رحمهالله.
ووقعت هند بنت عتبة (٣) والنسوة اللاتى معها يمثلن بالقتلى من المسلمين يجدعن الاذان والأنوف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خدما وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيا قاتل حمزة ، وبقرت عن كبد حمزة ـ رضى الله عنه ـ فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها ، ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها :
نحن جزيناكم بيوم بدر |
|
والحرب بعد الحرب ذات سعر (٤) |
ما كان عن عتبة لى من صبر |
|
ولا أخى وعمه وبكر |
__________________
(١) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٥ / ٤٢٨ ، ٤٢٩).
(٢) انظر الحديث فى : إتحاف السادة المتقين (١٠ / ٣٣٢) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٣٧).
(٣) انظر ترجمتها فى : الإصابة ترجمة رقم (١١٨٦٠) ، أسد الغابة ترجمة رقم (٧٣٥٠) ، الثقات (٢ / ٤٣٩) ، أعلام النساء (٥ / ٢٣٩) ، تجريد أسماء الصحابة (٢ / ٣١٠) ، أزمنة التاريخ الإسلامى (١٠٠٨) ، تلقيح فهوم أهل الأثر (٣١٩) ، ودر السحابة (٨٢٤).
(٤) السعر : أى الالتهاب.