الله صلىاللهعليهوسلم لعمر : «ايته فانظر ما شأنه» (١). فجاءه فقال له أبو سفيان : أنشدك الله يا عمر : أقتلنا محمدا؟ قال عمر : اللهم لا وإنه ليسمع كلامك الآن ، قال : أنت أصدق عندى من ابن قميئه وابر. لقول ابن قميئة لهم : إنى قد قتلت محمدا ، ثم نادى أبو سفيان : إنه قد كان فى قتلاكم مثل ، والله ما رضيت وما سخطت ، وما أمرت وما نهيت.
ولما انصرف أبو سفيان ومن معه نادى : إن موعدكم بدر العام القابل. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لرجل من أصحابه قل : «نعم ، هو بيننا وبينكم موعد» (٢).
ثم بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم على بن أبى طالب فقال : «اخرج فى آثار القوم فانظر ما ذا يصنعون وما ذا يريدون ، فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة ، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فهم يريدون المدينة ، والذي نفسى بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم» (٣) ؛ فخرج على فرآهم قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة.
وفرغ الناس لقتلاهم وانتشروا يبتغونهم ، فلم يجدوا قتيلا إلا وقد مثلوا به إلا حنظلة ابن أبى عامر فإن أباه كان مع المشركين فتركوه له ، وزعموا أن أباه وقف عليه قتيلا فدفع صدره بقدمه وقال : قد تقدمت إليك فى مصرعك هذا ، ولعمر الله إن كنت لواصلا للرحم برا بالوالدة.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من رجل ينظر لى ما فعل سعد بن الربيع ، أفي الأحياء هو أم فى الأموات؟» (٤) فقال رجل من الأنصار : أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل. فنظر فوجده جريحا فى القتلى وبه رمق ، قال فقلت له : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرنى أن أنظر أفي الأحياء أنت أم فى الأموات؟ قال : أنا فى الأموات ، فأبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عنى السلام وقل له : إن سعد بن الربيع يقول : جزاك الله عنا خير ما جزى نبيّا عن أمته ، وأبلغ قومك السلام عنى وقل لهم : إن سعد بن الربيع يقول لكم : إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف. قال : ثم لم أبرح حتى مات. فجئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته خبره.
__________________
(١) انظر الحديث فى : تفسير الطبرى (٢ / ٩٠).
(٢) انظر الحديث فى : التاريخ لابن كثير (٤ / ٣٨) ، تاريخ الطبرى (٢ / ٧١).
(٣) انظر الحديث فى : تاريخ الطبرى (٢ / ٧١) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٣٨) ، المغازى للواقدى (١ / ٢٩٨).
(٤) انظر الحديث فى : دلائل النبوة للبيهقى (٣ / ٢٨٥) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ٣٩).