ابن أمية الضمرى ، للجور الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم عقد لهما ، فقالوا له لما كلمهم فى ذلك : نعم ، يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت مما استعنت بنا عليه ، اجلس حتى تطعم وترجع بحاجتك.
فجلس رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى ظل جدار من جدر بيوتهم معه نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلى ، ينتظرون أن يصلحوا أمرهم.
فخلا بعضهم ببعض والشيطان معهم لا يفارقهم ، فائتمروا بقتل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ، فمن رجل يعلو على هذا البيت فيقلى عليه صخرة فيريحنا منه.
فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب ، أحدهم ، فقال : أنا لذلك وصعد ليفعل.
فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر من السماء بما أراد القوم ، فقام راجعا إلى المدينة وترك أصحابه فى مجلسهم ، فلما استلبث النبيّ صلىاللهعليهوسلم أصحابه قاموا فى طلبه ، فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال : لقيته داخلا المدينة ، فأقبلوا حتى انتهوا إليه فأخبرهم بما كانت يهود أرادت من الغدر به.
وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم ، ثم سار بالناس ونزل بهم ، فتحصنوا منه فى الحصون.
وعرض عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم الجلاء عن أوطانهم وأن يسيروا حيث شاءوا فراسلهم أولياؤهم من المنافقين ـ عبد الله بن أبى فى رهط من قومه ـ حين سمعوا ما يراد منهم : أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم ، إن قاتلتم قاتلنا معكم ، وإن خرجتم خرجنا معكم.
فغرتهم أمانى المنافقين ، ونادوا النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه : إنا والله لا نخرج ، ولئن قاتلتنا لنقاتلنك.
فمضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأمر الله فيهم ، فلما انتهى إلى أزقتهم وحصونهم كره أن يمكنهم من القتال فى دورهم وحصونهم ، فحفظ الله له أمره وعزم له على رشده ، فأمر بالأدنى فالأدنى من دورهم أن تهدم وبالنخيل أن تحرق وتقطع ، وكف الله أيديهم وأيدى المنافقين فلم ينصروهم ، وألقى الله فى قلوب الفريقين كليهما الرعب ، فهدموا الدور التي هم فيها من أدبارها ، فلما كادوا يبلغون آخر دورهم وهم ينتظرون المنافقين