فإنى فى جمع مالى كما ترى فانصرف عنى حتى أفرغ قال : حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لى بمكة وأجمعت الخروج لقيت العباس فقلت : احفظ على حديثى يا أبا الفضل ـ فإنى أخشى الطلب ـ ثلاثا ثم قل ما شئت. قال : أفعل. قلت : فإنى والله لقد تركت ابن أخيك عروسا على بنت ملكهم ـ يعنى صفية بنت حيى ـ ولقد افتتح خيبر وانتثل ما فيها وصارت له ولأصحابه. قال : ما تقول يا حجاج؟ قلت : إى والله فاكتم عنى ، ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالى فرقا من أن أغلب عليه ، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك فهو والله على ما تحب.
قال : حتى إذا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له وأخذ عصاه ثم خرج حتى أتى الكعبة فطاف بها ، فلما رأوه قالوا : يا أبا الفضل هذا والله التجلد لحر المصيبة! قال : كلا والله الذي حلفتم به ، لقد افتتح محمد خيبر وترك عروسا على ابنة ملكهم وأحرز أموالهم وما فيها فأصبحت له ولأصحابه. قالوا : من جاءك بهذا الخبر ، قال : الذي جاءكم بما جاءكم به ، ولقد دخل عليكم مسلما وأخذ ماله فانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون معه. قالوا : يا عباد الله! انفلت عدو الله ، أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن. ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك.
وقال كعب بن مالك الأنصاري فى يوم خيبر :
ونحن وردنا خيبرا وفروضه |
|
بكل فتى عارى الأشاجع مذود |
جواد لدى الغايات لا واهن القوى |
|
جريء على الأعداء فى كل مشهد |
عظيم رماد القدر فى كل شتوة |
|
ضروب بنصل المشرفى المهند |
يرى القتل مدحا إن أصاب شهادة |
|
من الله يرجوها وفوزا بأحمد |
يذود ويحمى عن ذمار محمد |
|
ويدمع عنه بالسان وباليد |
وينصره من كل أمر يريبه |
|
يجود بنفس دون نفس محمد |
وذكر ابن عقبة أن بنى فزارة قدموا على أهل خيبر فى أول أمرهم ليعينوهم ، فراسلهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا يعينوهم وأن يخرجوا عنهم على أن يعطيهم من خيبر شيئا سماه لهم ، فأبوا عليه وقالوا : جيراننا وحلفاؤنا. فلما فتح الله خيبر أتاه من كان هناك من بنى فزارة فقالوا : الذي وعدتنا؟ فقال : «لكم ذو الرقيبة» ـ لجبل من جبال خيبر ـ قالوا : إذن نقاتلك ؛ قال : «موعدكم جنفاء» فلما سمعوا ذلك من رسول الله خرجوا هاربين.