وجدوه قبل ، حتى لقال عبد الله بن عمر ـ رضى الله عنهما ـ فيما خرج له البخاري فى صحيحه : ما شبعنا حتى فتحنا خيبر.
وأقر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يهود خيبر فى أموالهم يعملون فيها للمسلمين على النصف مما يخرج منها كما تقدم.
قال ابن إسحاق : فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصا بين المسلمين وبين يهود فيخرص عليهم ، فإذا قالوا : تعديت علينا. قال : إن شئتم فلكم وإن شئتم فلنا. فتقول يهود : بهذا قامت السموات والأرض!
قال : وإنما خرص عليهم عبد الله عاما واحدا ثم أصيب بمؤتة ـ يرحمهالله ـ فكان جبار بن صخر أخو بنى سلمة هو الذي يخرص عليهم بعده.
فأقامت يهود على ذلك لا يرى بهم المسلمون بأسا فى معاملتهم حتى عدوا فى عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم على عبد الله بن سهل أخى بنى حارثة فقتلوه ، فاتّهمهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون عليه وكتب إليهم أن يدوه أو يأذنوا بحرب. فكتبوا يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا ، فوداه رسول الله صلىاللهعليهوسلم من عنده وأقرهم على ما سبق من معاملته إياهم.
فلما توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقرهم أبو بكر الصديق على مثل ذلك حتى توفى ، ثم أقرهم عمر صدرا من إمارته ، ثم بلغ عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال فى وجعه الذي قبضه الله فيه : «لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان». ففحص عمر عن ذلك حتى بلغه الثبت ، فأرسل إلى يهود فقال : إن الله قد أذن فى جلائكم ، قد بلغنى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان» (١) فمن كان عنده عهد من رسول الله فليأتنى به أنفذه له ، ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله فليتجهز للجلاء. فأجلى عمر منهم من لم يكن عنده عهد من رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقال عبد الله بن عمر : خرجت أنا والزبير والمقداد بن الأسود إلى أموالنا بخيبر نتعاهدها ، فلما قدمنا تفرقنا فى أموالنا فعدى على تحت الليل فقرعت يداى من مرفقى ، فلما أصبحت استصرخ على صاحباى فأتيانى فأصالحا من يدى ؛ ثم قاما بى على عمر فقال : هذا عمل يهود ، ثم قام فى الناس خطيبا فقال : أيها الناس ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا ، وقد عدوا على عبد الله بن عمر
__________________
(١) انظر الحديث فى : مجمع الزوائد للهيثمى (٤ / ١٢١).