وأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة. وكان فتحها لعشر ليال بقين من رمضان سنة ثمان.
وكان مما قيل من الشعر فى فتح مكة قول حسان بن ثابت ، وذكر ابن هشام أنه قالها قبل الفتح :
عفت ذات الأصابع فالجواء |
|
إلى عذراء منزلها خلاء (١) |
ديار من بنى الحسحاس قفر |
|
تعفيها الروماس والسماء (٢) |
وكانت لا يزال بها أنيس |
|
خلال مروجها نعم وشاء |
فدع هذا ولكن من لطيف |
|
يؤرقنى إذا ذهب العشاء |
لشعثاء التي قد تيمته |
|
فليس لقلبه منه شفاء |
كأن سيئة من بيت رأس |
|
يكون مزاجها عسل وماء |
إذا ما الأشربات ذكرن يوما |
|
فهن لطيب الراح الفداء |
نوليها الملامة إن ألمنا |
|
إذا ما كان مغث أو لحاء |
ونشربها فتتركنا ملوكا |
|
وأسدا ما ينهنهنا اللقاء |
عدمنا خيلنا إن لم تروها |
|
تثير النقع موعدها كداء |
ينازعن الأعنة مصغيات |
|
على أكتافها الأسل الظماء (٣) |
تظل جيادنا متمطرات |
|
يلطمهن بالخمر النساء |
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا |
|
وكان الفتح وانكشف الغطاء |
وإلا فاصبروا لجلاد يوم |
|
يغر الله فيه من يشاء |
وجبريل رسول الله فينا |
|
وروح القدس ليس له كفاء |
وقال الله قد أرسلت عبدا |
|
يقول الحق إن نفع البلاء |
شهدت به فقوموا صدقوه |
|
فقلتم لا نقوم ولا نشاء |
وقال الله قد يسرت جندا |
|
هم الأنصار عرضتها اللقاء |
لنا فى كل يوم من معد |
|
سباب أو قتال أو هجاء |
فنحكم بالقوافى من هجانا |
|
ونضرب حين تختلط الدماء |
__________________
(١) عفت : أى درست وتغيرت.
(٢) الحسحاس : الرجل الجواد الذي يطرد الجوع بسخائه. والروامس : الرياح التي تثير التراب فترمى به الآثار.
(٣) مصغيات : أى مستمعات. والأسل : أى الرماح.