الحصص ، وأجلى الأشياء للغصص من أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي بالوقوف عليها توجد حلاوة الإسلام ، ويعرف كيف تمهدت السبل إلى دار السلام.
فإنه لا يخلو الحاضرون لهذا الكتاب من أن يسمعوا ما صنع الله لرسوله فى أعداء تنزيله ، فيستجزلوا ثواب الفرح بنصر الله ، أو يستمعوا ما امتحنه الله به من المحن التي لا يطيق احتمالها إلا نفوس أنبياء الله بتأييد الله ، فيعتبروا بعظيم ما لقيه من شدائد الخطوب ، ويصطبروا لعوارض الكروب ، تأدبا بآدابه ، وجريا فى الصبر على ما يصيبهم والاحتساب لما ينوبهم على طريقة صبره واحتسابه.
وتلك غايات لن نبلغ عفوها بجهدنا ، ولن نصل أدانيها بنهاية ركضنا وشدنا ، وإنما علينا بذل الجهد فى قصد الاهتداء ، وعلى الله سبحانه المعونة فى الغاية والابتداء.
وإذا استوفيت بفضل الله طلق هذا المعنى كما نويت ، وبلغت حاجة نفسى منه وقضيت ، فلى نية ، إن ساعدت المشيئة عليها ، فى أن أصل هذا الغرض المتقدم ، من ذكر مغازى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بذكر مغازى الخلفاء الثلاثة الأول ، رضى الله عنهم ، منتحلا على رجاء معونة الله أسبابها ، ومنتخلا من كتاب شيخنا الخطيب أبى القاسم ، رحمهالله ، ومن غيره مما هو فى نحو معناه ، صفوها ولبابها ، لتنتظم الفائدتان معا ، ويكون الخبر عن مغازى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومغازى خلفائه ، الذين بهديهم الائتمام ، فى مكان واحد مجتمعا.
وأرجو بحول الله الذي له الطول وبيده القوة والحول ، أن يكون هذا المجموع كافيا فى البابين ، وافيا بالغرضين المنتابين ، ولذلك ترجمته بكتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومغازى الخلفاء.
وفضله جل جلاله نعم الكفيل أن يجزى به خير الجزاء ، ويجعله من عددنا النافعة يوم اللقاء ، فهو عز وجهه الملجأ والمعول ، وبه أستعين وعليه أتوكل ، لا إله إلا هو سبحانه ، هو حسبى وإليه أنيب.