وقد وقفت على كتاب محمد بن عمر الواقدى فى المغازى ، ولم يحضرنى الآن ، لكنى رأيته كثيرا ما يجرى مع ابن إسحاق ، فاستغنيت عنه به لفضل فصاحة ابن إسحاق فى الإيراد ، وحسن بيانه الذي لا يفقد معه استحسان الحديث المعاد.
وللواقدى أيضا كتاب المبعث ، وهو مشبع فى بابه ، ممتع باستيفائه واستيعابه ، قد نقلت هنا منه جملا ، تناسب الغرض المسطور ، وتصد المعترض أن يجور.
وكذلك كتاب الزبير بن أبى بكر القاضى رحمهالله فى أنساب قريش ، وهو كما سمعت شيخنا الخطيب أبا القاسم ابن حبيش رحمهالله يحكى عن شيخه أبى الحسن ابن مغيث أنه كان يقول فيه : هو كتاب عجب لا كتاب نسب.
التقطت أيضا من درره نفائس معجبة ، وتخيرت من فوائده نخبا لمتخيرها موجبة.
ومثله التاريخ الكبير لأبى بكر ابن أبى خيثمة ، وناهيك به من بحر لا تكدره الدلاء ، وغمر لا ينفذه الأخذ الدراك ولا يستنزفه الورد الولاء.
وكم شيء أستحسنه من غير هذه الكتب المسماة فأنظمه فى هذا النظام ، وأضطر إلى الإفادة به مساق الكلام. إما متمما لحديث سابق ، وإما مفيدا بغرض لما تقدمه مطابق.
فإن لم يكن بينهم فى الأحاديث اختلاف يشعر بنقض ، فكثيرا ما أدخل حديث بعضهم فى حديث بعض ، ليكون المساق أبين والاتساق أحسن.
وإن عرض عارض خلاف فالفصل حينئذ أرفع للإشكال وأدفع للمقال.
وربما فصلت بين بعض أحاديثهم وإن اشتبهت معانيها ، بحسب ما تدعو إليه ضرورة الموضع ، أو تحمل على إعادته حلاوة الموقع.
وكل ذلك يشهد الله أن المراد فيه بالقصد الأول وجهه الكريم ، وإحسانه العميم ، ورحمته التي منها شق لنفسه أنه الرحمن الرحيم.
ثم القصد الثانى متوفر على إيثار الرغبة فى إيناس الناس بأخبار نبيهم صلىاللهعليهوسلم ، وعمارة خواطرهم بما يكون لهم فى العاجل والآجل أنفع وأسلم.
وقد عم عليه الصلاة والسلام ببركة دعائه سامع حديثه ومبلغه ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «ما أفاد المسلم أفضل من حديث حسن بلغه فبلغه».
ولا أحسن بعد كتاب الله الذي هو أحسن القصص وأصدق القصص ، وأفضل