ألا رب يوم لو مرضت لعادنى |
|
عوائد من لم يشف منهن يجهد |
فليت اللواتى عدننى لم يعدننى |
|
وليت اللواتى غبن عنى شهد |
فلما مات عمدت امرأته إلى ما كان من كتبه التي قطع له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فحرقتها بالنار (١).
وأما عدى بن حاتم (٢) ، فكان يقول فيما ذكر عنه : ما من رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حين سمع به منى ، أما أنا فكنت امرأ شريفا ، وكنت نصرانيا ، وكنت أسير فى قومى بالمرباع ، فكنت فى نفسى على دين. وكنت ملكا فى قومى ، لما كان يصنع بى قومى ، وما كان يصنع فى أهل دينى ، فلما سمعت برسول الله صلىاللهعليهوسلم كرهته ، فقلت لغلام كان لى عربى وكان راعيا لإبل لى : لا أبا لك ، أعدد لى من إبلى أجمالا ذللا سمانا ، فاحتبسها قريبا منى ، فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطىء هذه البلاد فآذنى ؛ ففعل ، ثم إنه أتانى ذات غداة ، فقال : يا عدى ، ما كنت صانعا إذا غشيك خيل محمد فاصنعه الآن ، فإنى قد رأيت رايات ، فسألت عنها ، فقالوا : هذه جيوش محمد ، قلت : فقرب إلى أجمالى ، فقربها ، فاحتملت بأهلى وولدى ، ثم قلت : ألحق بأهل دينى من النصارى بالشام ، وخلفت بنتا لحاتم فى الحاضر ، فلما قدمت الشام أقمت بها.
وتخالفنى خيل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتصيب بنت حاتم فيمن أصابت ، فقدم بها على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى سبايا من طىء ، فجعلت بنت حاتم فى حظيرة بباب المسجد ، كانت السبايا تحبس فيها ، فمر بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد كان بلغه هربى إلى الشام ، فقامت إليه ، وكانت امرأة جزلة ، فقالت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد ، فامنن علىّ من الله عليك ، قال : «ومن وافدك؟» قالت عدى بن حاتم. قال : «الفار من الله ورسوله؟» قالت : ثم مضى وتركنى ، حتى إذا كان من الغد مر بى ، فقلت له مثل ذلك ، وقال لى مثل ما قال بالأمس. قالت : حتى إذا كان بعد الغد مر بى وقد يئست ، فأشار إلى رجل من خلفه أن قومى فكلميه ؛ فقمت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب
__________________
(١) انظر الحديث فى : طبقات ابن سعد (١ / ٢ / ٥٩) ، تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر (٦ / ٣٦) ، دلائل النبوة للبيهقى (٥ / ٣٣٧) ، تاريخ الطبرى (٢ / ٢٠٣).
(٢) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (١٨٠٠) ، الإصابة الترجمة رقم (٥٤٩١) ، أسد الغابة الترجمة رقم (٣٦١٠) ، طبقات خليفة (٤٦٣ ، ٩٠٤) ، مروج الذهب (٣ / ١٩٠) ، جمهرة أنساب العرب (٤٠٢) ، تاريخ بغداد (١ / ١٨٩) ، تاريخ الإسلام (٣ / ٤٦) ، تهذيب التهذيب (٧ / ١٦٦) ، تهذيب الكمال (٩٢٥) ، خلاصة تذهيب الكمال (٢٢٣) ، سير أعلام النبلاء (٣ / ١٦٢) ، شذرات الذهب (١ / ٧٤).