ثم قال : أيها الناس ، إن حميرا أكبر من كهلان ، وحقه أن يكون عن يميني وكهلان عن شمالي ، ويصيب كل واحد منهما من ملكي مثلما تصيب اليد التي له من يدي ، فانظروا معاشر الناس ـ ما يصلح لليمين فادفعوه إلى حمير ، وما يصلح للشمال فادفعوه إلى كهلان. ثم مات فدفعوا إلى حمير السيف والقلم والسوط ، وقالوا : هذه ثلاثة أشياء يعمل بها اليمين دون الشمال ، ودفعوا إلى كهلان العنان (٣٠) والترس والقوس ، وقالوا : هذه ثلاثة أشياء تعمل بها الشمال دون اليمين ، ما خلا القوس فإنه يحتاج إلى معونة اليمين لها.
ثم حكموا أن صاحب السيف والقلم لا يصلح إلا للرتوب (٣١) في موضعه / وأنه يكون سائسا رائضا.
ثم حكموا أيضا أن الثابت لا يكون إلا مع الوقوف والتدبير في دائرة أمر المملكة للملك الأعظم فدفعوا الملك إلى حمير.
وحكموا إلى أن العنان يقود الخيل للذّب عن الملك ومكايدة الأعداء حيث كانوا.
وحكموا أن الترس يدرأ به الحدّ ، ويقهر به في الحروب عند التلاقي.
وحكموا بأن القوس ينال بها البعيد فدفعوا آلة الغزو والثغور إلى كهلان ، فتقلد كل واحد منهما ما قلده أبوه وقومه ، على أن لحمير على كهلان السمع والطاعة ، وعلى حمير لكهلان المعونة والمال والنجدة والرجال كما تعين اليمين الشمال عند الرمي بالنبال. قالوا : قد استحسن هذه الوصية والقسمة المرضية هيّ بن بيّ الجرهمي (٣٢) فقال هذه الأبيات : [البسيط]
__________________
(٣٠) العنان : سير اللجام الذي تمسك به الدابة.
(٣١) الرتوب : الثبوت والدوام.
(٣٢) هيّ بن بيّ الجرهمي : هو هيّ بن بيّ بن جرهم بن الغوث بن سعد بن جرهم بن قحطان ، كما سرد؟؟؟ ذلك في الباب الخامس من هذا الكتاب.