رضي الله تعالى عنهم قد رأوا أن تقديم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأبي بكر يصلي بالناس استخلاف له من بعده ، لأن الصلاة عماد الدين.
وكانت الأنصار تعتقد أنها أولى الناس بهذا الأمر لأنهم أنصار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبهم توصد الدين.
__________________
كان النبي صلىاللهعليهوسلم يدعو ربه أن يعزّ الإسلام بأحدهما ، أسلم قبل الهجرة بخمس سنين ، وشهد الوقائع. قال ابن مسعود : ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر. وقال عكرمة : لم يزل الإسلام في اختفاء حتى أسلم عمر ، وكانت له تجارة بين الشام والحجاز ، وبويع بالخلافة يوم وفاة أبي بكر سنة ١٣ ه بعهد منه. وفي أيامه تمّ فتح الشام والعراق ، وافتتحت القدس والمدائن ومصر والجزيرة. حتى قيل : انتصب في مدته اثنا عشر ألف منبر في الإسلام. وهو أول من وضع للعرب التاريخ الهجري ، وكانوا يؤرخون بالوقائع واتخذ بيت مال للمسلمين. وأمر ببناء البصرة والكوفة فبنيتا ، وأول من دوّن الدواوين في الإسلام ، جعلها على الطريقة الفارسية لإحصاء أصحاب الأعطيات وتوزيع المرتبات عليهم. وكان يطوف في الأسواق منفردا ، ويقضي بين الناس حيث أدركه الخصوم. وكان عمر إذا نزل به الأمر المعضل دعا الشبان فاستشارهم ، يبتغي حدة عقولهم ، وكانت الدراهم في أيامه على نقش الكسروية ، وزاد في بعضها (والحمد لله) وفي بعضها (لا إله إلا الله وحده) وفي بعضها (محمد رسول الله) ، له في كتب الحديث ٥٣٧ حديثا ، وكان نقش خاتمه : كفى بالموت واعظا يا عمر. لقبه النبي صلىاللهعليهوسلم بالفاروق ، وكناه بأبي حفص ، وكان يقضي على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قتله أبو لؤلؤة فيروز الفارسي (غلام المغيرة بن شعبة) غيلة ، بخنجر في خاصرته وهو في صلاة الصبح ، وعاش بعد الطعنة ثلاث ليال (الأعلام ٥ / ٤٦).
(٩١) أبو عبيدة بن الجراح (٤٠ ق ه ـ ١٨ ه) ـ (٥٨٤ ـ ٦٣٩ م) : عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال الفهري القرشي الأمير القائد ، فاتح الديار الشامية ، والصحابي ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، قال ابن عساكر : داهيتا قريش أبو بكر وأبو عبيدة ، وكان لقبه أمين الأمة ، ولد بمكة ، وهو من السابقين إلى الإسلام ، وشهد المشاهد كلها ، وولاه عمر بن الخطاب قيادة الجيش الزاحف إلى الشام بعد خالد بن الوليد ، فتم له فتح الديار الشامية ، وبلغ الفرات مشرقا ، وآسية الصغرى شمالا ، ورتب للبلاد المرابطين والعمال ، وتعلقت به قلوب الناس لرفقه وأناته وتواضعه ، وتوفي بطاعون عمواس ، ودفن في غور بيسان ، وانقرض عقبه وله ١٤ حديثا. انتزع بأسنانه نصلا من جبهة النبي صلىاللهعليهوسلم يوم أحد فهتم ، وفي الحديث : «لكل نبيّ أمين ، وأميني أبو عبيدة بن الجراح» (الأعلام ٣ / ٢٥٢).