فلما قبض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اشتغل علي بن أبي طالب وأهل بيته رضي الله تعالى عنهم في جهازه (٩٢) صلى الله تعالى عليه وسلم ، واجتمعت الأنصار لما في نفوسهم في سقيفة بني ساعدة (٩٣) ، فنصبوا سعد بن عبادة لهذا الأمر وأقاموه خليفة ، وهو من الخزرج ، وكان مريضا في ذلك اليوم ، فبلغ الخبر إلى أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وإلى عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح ، فقالوا : والله لئن عقد الأوس والخزرج عقدا في هذا اليوم لا حلّه أحد ، فمضوا إليهم إلى سقيفة بني ساعدة فخاطبوهم بما هو مشهور من الخطاب ، فلما تحدثوا على ذلك وقع في نفوس الأوس (٩٤) شيء ، وفكروا فيما بينهم وبين الخزرج من الضغائن والعداوة القديمة ، فقالوا : إذا أصبحت الخلافة في الخزرج فأي خير نرجو ، والحسد لا يخلو منه أحد ، فقالوا : المصلحة أن نجعل قريشا بيننا عدولا ، ولكن إن عقدنا الخلافة لبني هاشم لم نأمن من شدة علي بن أبي طالب ، وهذا أبو بكر هو رجل قليل الشر ، طوع لما نريد ، فقام بشير بن
__________________
(٩٢) جهازه : جهز الميت أعدّ له ما يلزمه ويحتاج إليه.
(٩٣) سقيفة بني ساعدة : بالمدينة : وهي ظلة كانوا يجلسون تحتها ، فيها بويع أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، والسقيفة الصفة ، أو كل بناء سقّف به صفة أو شبه صفة مما يكون بارزا ، وأما بنو ساعدة الذين أضيفت إليهم السقيفة فهم حيّ من الأنصار ، وهم بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو ، منهم سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة. وهو القائل يوم السقيفة : منا أمير ومنكم أمير. ولم يبايع أبا بكر ولا أحدا ، وقتله الجن فيما قيل بحوران (معجم البلدان ٣ / ٢٢٩).
(٩٤) في الأصل : الخزرج.