تركته على صخر لفلقه أو على شعر لحلقه. فقال : أجب ، بارك الله فيك ، إن الله قد أيدك بروح القدس (١٠٦) ، والق أبا بكر ، فإنه عارف بأنساب قريش.
فلو كانت معرفة الأنساب مذمومة لما تعنّى به هؤلاء السادة العلماء الكرام الفهماء.
وكنت قد فكرت في هذه المعاني فرأيت أن معرفة الأنساب لتأليف القلوب وصلة الأرحام من أعظم الأسباب ، وأنها قربة موصلة لصاحبها إلى الجنة مأمور بها بنص الكتاب والسنة ؛ قال الله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء ٤ / ١].
وقال صلى الله تعالى عليه وسلم حكاية عن الله تعالى أنه قال : «أنا الرحمن وهذه الرحم شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ، ومن قطعها بتته» (١٠٧) لأن البت هو القطع.
وقال صلى الله تعالى عليه وسلم : «خيركم الذين يألفون ويؤلفون» (١٠٨).
__________________
(١٠٦) روح القدس : جبريل من الملائكة.
(١٠٧) الحديث ، رواه (أبو داوود / زكاة ٤٥) و (الترمذي / بر ٩) و (أحمد بن حنبل ١ / ١٩١ ، ١٩٤ ، و٢ / ١٦٠ و٤٩٨).
(١٠٨) هذا الحديث جزء من عدة أحاديث منها :
أ ـ عن أبي أويس بن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا : «ألا أخبركم بأكملكم إيمانا؟ أحاسنكم أخلاقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يؤلفون ويألفون» (تفسير ابن كثير ، سورة لقمان [٣٤ / ١٩] : ٥ / ٣٩١).
ب ـ «أكمل المؤمنين إيمانا أحاسنهم أخلاقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون يؤلفون ، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف» أخرجه الطبراني في (معجمه الصغير ١٢٥) ومن طريقه أبو نعيم في (أخبار أصبهان ٢ / ٦٧) مرفوعا.
ج ـ «إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقا ، الموطؤون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون ، وإن أبغضكم إلي المشّاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الأحبة ، الملتمسون للبراء العنت» أخرجه الطبراني في