قلت : وكنت قد سمعت بهذه الشائعة ، ولم ألتفت إلى ما ينقل عنه. وأقول : هذا كلام سخيف صدر من رجل ضعيف ، فلم أشعر في بعض الأيام إلا وقد وصلني منه كتاب يعلمني فيه بأنه قد أوحي إليه / بذلك ، فاستقبحت [٥٥] مقالته وكتبت إلى فقهاء الجهات ، وقلت لهم : ينبغي لكل أحد منكم أن يعلم أهل بلده بفساد كلام هذا المغرور قبل أن يقوى أمره ، ويحصل في قلب الجاهل ما يحصل من الغرور ، فغفلوا عنه ولم يلتفتوا إليه ، واستضعفوا حاله ، ولم ينكروا عليه ، فأقبل الناس عليه غاية الإقبال ، وافتتن بكلامه كثير من الجهال ، فلما كثر كلامه وانتشر ، خفت أن يمس الناس منه شر ، فكتبت إلى الأخ في الله تعالى ، الفقيه الصالح عماد الدين ، بركة المسلمين يحيى بن عمر الذيابي (٢) نفع الله تعالى به بهذه القصيدة ، وحرضته فيها على قمع هذه البدعة ، وإزالة هذه الشنعة ، هو ومن وقف عليها من جملة الفقهاء ، تحذيرا لهم من الفتن والوقوع في هذه المحن. وهي هذه : [الوافر]
كتاب الخالق الملك الكبير |
|
شفاء للقلوب وللصدور |
إليه رجوعنا في كلّ شيء |
|
به علم المقدّم والأخير |
وسنّة أحمد خير البريا |
|
لكلّ الخلق نور فوق نور |
ندين به عظيم الملك لسنا |
|
ندين بقول أصحاب الغرور |
وكنت سمعت ما لا كنت أرضى |
|
يصير إلى انتهاء هذا المصير |
سمعت بمحدث بشع ذميم |
|
يقول به الصغير مع الكبير |
نبيّ في سحير أتى بإفك |
|
عظيم وقول بهتان وزور |
يقول بأنه عيسى ويوحى |
|
إليه الوحي من ربّ قدير |
فقلت : وربّما ، ويهون هذا |
|
وأضمرت التغافل في ضميري |
__________________
(٢) يحيى بن عمر الذيابي : معاصر للمؤلف وقد سبق ذكره في الباب السابع والتعليق عليه برقم ٩٧ هناك.