على (عامر بن داوود) ويفتك به ويصلبه على صاري السفينة سنة (٩٤٤ ه ـ ١٥٣٧ م) تلك السنة التي توفي فيها المصنف ابن الديبع.
وكذلك فعل بالأمير (أحمد) صاحب زبيد الذي كان من جملة اللّوند الذين استولوا على تلك الديار ، فأعطاه (خادم سليمان) الأمان ، ثم طلبه إليه وقتله ، وولى موضعه أميرا ممن كان معه.
وهكذا دخل خادم سليمان اليمن ، ويعد دخوله أول فتح عثماني لليمن (٢٨).
وإذا كان لا بد للحرب من ضحايا لا يمكن تفاديها ، فإن ما حصل من الغدر في اليمن لم يكن بأمر أو رغبة من السلطان سليمان الذي نفى خادم سليمان ، وأمضى زهاء نصف قرن بحكم المسلمين ، فكانت سيرته أحسن سيرة ، وعهده عهد خير ويمن وبركة على المسلمين ، وعهد شدة وقوة على أعداء الإسلام والمسلمين ، وظل كذلك حتى توفي متأثرا بمرض النقرس في عام (٩٧٥ ه ـ ١٥٦٦ م) (٢٩) ، رحمه الله واسعة ، وعوضنا عنه اليوم من يصون البلاد ويحرر العباد من الظلم الاستعماري القائم في كل مكان من هذه المعمورة التي نعيش فوقها.
ـ د ـ
ويتبين من كل ما ذكر آنفا ، أن ابن الديبع قد عاش في اليمن البلد العربي الإسلامي ، وشهد الأفراح والأتراح التي حدثت في عصره ، ورأى توزع اليمن إلى إمارات تتصارع على السلطة عليها صراعا قويا تلك الأسر اليمنية المتنازعة على حكم اليمن ، وما جرّ إليه ذلك من فتن واضطرابات قبلية وعصبية ومذهبية وغيرها.
ولئن كان المؤلف قد ولد بعد حوالي عقد من الزمن من فتح القسطنطينية ، ودك آخر معاقل الظلم والبغي والعدوان على أمته ، وأدرك عزة الإسلام على يد سليمان القانوني العثماني وقائده خير الدين بربروس ، اللذين طردا الإسبانيين من الجزائر وتونس ، فإنه أيضا قد شهد تسلل البرتغاليين المتتابع إلى السواحل اليمنية والهندية ، وكيف صدتها قوات
__________________
(٢٨) حدائق الأنوار م / ٥٠
(٢٩) رجال ومواقف تحت راية الإسلام ص ٢٧٧