الفرع الثاني
إخبار الله عزوجل في كتب أنبيائه السلف
وبشاراته بقيام القائم عليهالسلام
البشارة الاولى
البشارة الاولى في إقامة الشهود أنّ في التوراة ، في سفر التكوين ، في الفصل السابع عشر في الآية العشرين ممّا ترجمته بالعربية : يقول الله تعالى مخاطبا لهاجر توصية لإسماعيل : يا إبراهيم إنّا قد سمعنا دعاءك وتضرّعك في إسماعيل فباركت لك فيه وسأرفع له مكانا رفيعا ومقاما عليا ، وسأظهر منه اثني عشر نقيبا وستكون له أمّة عظيمة (١).
ولا يخفى أنّ الآية فيها من علائم بيت الوحي والنبوّة والإشعار بوجودهم والبشارة بمقدمهم صلوات الله عليهم عدّة امور ؛ الأوّل : لفظة بمأدمأد ، فإنّ هذه الكلمة موافقة في الجمل بكلمة محمّد صلىاللهعليهوآله حيث إن كلّا منهما في العدد اثنان وتسعون. الثاني : وعد الله كثرة ذريّته وانتشار أولاده صلوات الله عليه ، ومع انحصار عقبه في الزهراء سلام الله عليها لم يكن بلد من البلاد ، لا مصر ولا صقع من الأصقاع إلّا وقد اشتمل على ذريته الطاهرة والسادة الزكية من ولده ، وقد ملأ العالم نورهم ، ولم ينعقد اليوم مجلس إلّا ويكون أكثرهم أو نصفهم أو غالبا فردا منهم ومن ذريتهم ، ولا أقلّ من واحد ولا يكون خاليا غالبا ، وإنّما ببركة دعاء الخليل ووعد الربّ الجليل ، وليس الاثنا عشر الموعودون في الآية إلّا الأئمّة صلوات الله عليهم ، فهم من ولد إسماعيل من قيدار ، لا ما توهّمه اليهود خذلهم الله لأنّ أولاده الاثني عشر المسمّون في التوراة في الفصل الخامس والعشرين في الآية الحادية والثلاثين : وهم بنايوت وقيدار وادئيل وميسام وميشماع ودوماه ومسا وحدر وتيما ويطور ونافيش وقيدماه ، عدد أسماء قبائلهم واممهم ، لم يكن المقصود في الآية هؤلاء البتة ، لأنّهم لم ينالوا مرتبة النبوّة ولا الوحي والإلهام والرسالة ، فليسوا مقصودين إلّا الأنوار الطاهرة الاثنا عشر من بطن
__________________
(١) سفر التكوين : ٩٢ ، الإصحاح : ١٧ رقم ٢٠ ـ ١٨ ط. دار المشرق بيروت.